" صفحة رقم ٣٦١ "
رحم فهل فيها من أجر فقال لي النبي ( ﷺ ) ( أسلمت على ما سلف من خير ) والتحنّث : التعبد يعني أن دخوله في الإِسلام أفاده إعطاء ثواب على أعماله كأنه عملها في الإِسلام.
وقال :( من الذين آمنوا ( دون أن يقول : ثم كان مؤمناً، لأن كونه من الذين آمنوا أدل على ثبوت الإِيمان من الوصف بمؤمن لأن صفة الجماعة أقوى من أجل كثرة الموصوفين بها فإن كثرة الخير خير، كما تقدم في قوله تعالى :( قال أعوذ باللَّه أن أكون من الجاهلين في سورة البقرة، ثم في هذه الآية تقوية أخرى للوصف، وهو جعله بالموصول المشعرِ بأنهم عُرفوا بالإِيمان بَيْن الفرق.
وحُذِف متعلّق آمنوا ( للعلم به أي آمنوا بالله وحده وبرسوله محمد ( ﷺ ) ودين الإِسلام. فجُعل الفعل كالمستغني عن المتعلق.
وأيضاً ليتأتى من ذكر الذين آمنوا تخلص إلى الثناء عليهم بقوله :( وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ( ولبشارتهم بأنهم أصحاب الميمنة.
وخص بالذكر من أوصاف المؤمنين تواصيهم بالصبر وتواصيهم بالمرحمة لأن ذلك أشرف صفاتهم بعد الإِيمان، فإن الصبر ملاك الأعمال الصالحة كلها لأنها لا تخلو من كبح الشّهوة النفسانية وذلك من الصبر.
والمرحمة ملاك صلاح الجامعة الإسلامية قال تعالى :( رحماء بينهم ( ( الفتح : ٢٩ ).
والتواصي بالرحمة فضيلة عظيمة، وهو أيضاً كناية عن اتصافهم بالمرحمة لأن من يوصي بالمرحمة هو الذي عَرَف قدرَها وفضلها، فهو يفعلها قبل أن يُوصي بها، كما تقدم في قوله تعالى :( ولا تحضون على طعام المسكين ( ( الفجر : ١٨ ).
وفيه تعريض بأن أهل الشرك ليسوا من أهل الصبر ولا من أهل المرحمة، وقد صُرح بذلك في قوله تعالى :( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى اللَّه وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين إلى قوله : وما يلقاها إلا الذين صبروا ( ( فصلت : ٣٣ ٣٥ ) وقوله :( بل لا تكرمون اليتيم ولا تحضون على طعام المسكين ( ( الفجر : ١٧، ١٨ ).


الصفحة التالية
Icon