" صفحة رقم ٣٦٣ "
وقوله :( هم أصحاب المشأمة ( أي هم محقرون. وذلك كناية مبنية على عرف العرب يومئذ في مجالسهم. ولا ميمنة ولا مشأمة على الحقيقة لأن حقيقة الميمنة والمشأمة تقتضيان حَيِّزاً لمن تُنسَب إليه الجهةُ.
وجملة :( والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة ( تتميم لِما سيق من ذم الإِنسان المذكور آنفاً إذ لم يعقّبْ ذمُّه هنالك بوعيده عِناية بالأهم وهو ذكر حالة أضداده ووعدِهم، فلما قُضي حق ذلك ثُني العنان إلى ذلك الإِنسان فحصل من هذا النظم البديع محسِّن ردّ العجز على الصدر، ومحسن الطباق بين الميمنة والمشأمة.
وقد عرف آنفاً أن المشأمة منزلة الإِهانة والغضب، ولذلك أتبع بقوله :( عليهم نار مؤصدة ).
وضمير الفصل في قوله :( هم أصحاب المشأمة ( لتقوية الحكم وليس للقصر، إذ قد استفيد القصر من ذكر الجملة المضادة للتي قبلها وهي ) أولئك أصحاب الميمنة ).
و ) مؤصدة ( اسم مفعول من أوصد الباب بالواو. ويقال : أأصد بالهمز وهما لغتان، قيل : الهمز لغة قريش وقيل : معناه جعله وصيدة. والوصيدة : بيت يتخذ من الحجارة في الجبال لحفظ الإبل. فقرأ الجمهور :( مُوصَدة ( بواو ساكنة بعد الميم من أوصد بالواو، وقرأه أبو عمرو وحمزة وحفص عن عاصم ويعقوب وخلف بهمزة ساكنة بعد الميم من ءَاصد الباب، بهمزتين بمعنى وصَده.
وجملة :( عليهم نار موصدة ( بدل اشتمال من جملة ) هم أصحاب المشأمة ( أو استئناف بياني ناشىء عن الإِخبار عنهم بأنهم أصحاب المشأمة.
و ) عليهم ( متعلق ب ) مؤصدة (، وقدم على عامله للاهتمام بتعلق الغلق عليهم تعجيلاً للترهيب.
وقد استتب بهذا التقديم رعاية الفواصل بالهاء ابتداء من قوله :( فلا اقتحم العقبة ( ( البلد : ١١ ).


الصفحة التالية
Icon