" صفحة رقم ٣٧٣ "
الطغيان والتكبر عن اتباع من لا يرون له فضلاً عليهم :( وقالوا لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ( ( الزخرف : ٣١ ).
و ) إذْ ( ظرف للزمن الماضي يتعلق ب ) طغواها ( لأن وقت انبعاث أشقاها لعقر الناقة هو الوقت الذي بدت فيه شدة طغواها فبعثوا أشقاهم لعقر الناقة التي جُعلت لهم آية وذلك منتهى الجُرأة.
و ) انبعث ( : مطاوع بَعَث، فالمعنى : إذ بعثوا أشقاهم فانبعث وانتدب لذلك. و ) إذ ( مضاف إلى جملة :( انبعث أشقاها ).
وقدم ذكر هذا الظرف عن موقعه بعد قوله :( فقال لهم رسول الله ناقة الله ( لأن انبعاث أشقاها لعقر الناقة جُزئي من جزئيات طغواهم فهو أشد تعلقاً بالتكذيب المسبب عن الطغوى ففي تقديمه قضاء لحق هذا الاتصال، ولإفادة أن انبعاث أشقاهم لعقر الناقة كان عن إغراء منهم إياه، ولا يفوت مع ذلك أنه وقع بعد أن قال لهم رسول الله ناقة الله، ويستفاد أيضاً من قوله :( فعقروها ).
و ) أشقاها ( : أشدها شِقوة، وعني به رجل منهم سماه المفسرون قُدار ( بضم القاف وتخفيف الدال المهملة ) بن سالف، وزيادته عليهم في الشقاوة بأنه الذي باشر الجريمة وإن كان عن ملإ منهم وإغراء.
والفاء من قوله :( فقال لهم رسول الله ( عاطفة على ) كذبت ( فتفيد الترتيب والتعقيب كما هو الغالب فيها، ويَكون معنى الكلام : كذبوا رسول الله ( ﷺ ) فتحداهم بآية الناقة وحذَّرهم من التعرض لها بسوء ومِن منعهم شربها في نوبتها من السُّقيا، وعطف على ) فكذبوه (، أي فيما أنذرهم به فعقروها بالتكذيب المذكور أول مرة غير التكذيب المذكور ثانياً. وهذا يقتضي أن آية الناقة أرسلت لهم بعد أن كذبوا وهو الشأن في آيات الرسل، وهو ظاهر ما جاء في سورة هود.
ويجوز أن تكون الفاء للترتيب الذكري المجرد وهي تفيد عطف مفصل على مجمل مثل قوله تعالى :( فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه ( ( البقرة : ٣٦ ) فإن إزلالهما إبعادهما وهو يحصل بعد الإِخراج لا قبله. وقوله :( وكم من قرية أهلكناها


الصفحة التالية
Icon