" صفحة رقم ٣٨٢ "
ومَن ( في قوله :( من أعطى ( الخ وقوله :( من بخل ( الخ يعم كل من يفعل الإعطاء ويتقي ويصدِّق بالحسنى. وروي أن هذا نزل بسبب أن أبا بكر اشترى بلالاً من أمية بن خلف وأعتقه ليُنجيه من تعذيب أمية بن خلف، ومن المفسرين من يذكر أبا سفيان بن حرب عوضَ أمية بن خلف، وهم وهَم.
وقيل : نزلت في قضية أبي الدحداح مع رجل منافق ستأتي. وهذا الأخير متقض أن السورة مدنية وسببُ النزول لا يخصص العموم.
وحُذف مفعول ) أعطى ( لأن فعل الإِعطاء إذا أريد به إعطاء المال بدون عوض، يُنزَّل منزلَة اللازم لاشتهار استعماله في إعطاء المال ( ولذلك يسمى المالُ الموهوب عَطاءَ )، والمقصود إعطاء الزكاة.
وكذلك حُذف مفعول ) اتقى ( لأنه يعلم أن المقدّر اتّقى الله.
وهذه الخلال الثلاث من خلال الإيمان، فالمعنى : فأما من كان من المؤمنين كما في قوله تعالى :( قالوا لم نَكُ من المصلين ولم نَكُ نطعم المسكين ( ( المدثر : ٤٣ ٤٤ )، أي لم نك من أهل الإيمان.
وكذلك فعل ) بَخل ( لم يُذكر متعلقه لأنه أريد به البخل بالمال.
و ) استغنى ( جُعل مقابلاً ل ) اتَّقى ( فالمراد به الاستغناء عن امتثال أمْرِ الله ودعوته لأن المصرَّ على الكفر المعرِضَ عن الدعوة يَعُد نفسه غنياً عن الله مكتفياً بولاية الأصنام وقومِه، فالسين والتاء للمبالغة في الفعل مثل سين استحباب بمعنى أجاب. وقد يراد به زيادة طلب الغنى بالبخل بالمال، فتكون السين والتاء للطلب، وهذه الخلال كناية عن كونه من المشركين.
والحُسنى : تَأنيث الأحسن فهي بالأصالة صفَة لموصوف مقدر، وتأنيثها مشعر بأن موصوفها المقدر يعتبر مؤنث اللفظ ويحتمل أموراً كثيرة مثل المثوبة أو النصر أو العدة أو العاقبة.
وقد يصير هذا الوصف علماً بالغلبة فقيل : الحسنى الجنة، وقيل : كلمة