" صفحة رقم ٣٩٦ "
والقليْ ( بفتح القاف مع سكون اللام ) والقِلَى ( بكسر القاف مع فتح اللام ) : البغض الشديد، وسبب مقالة المشركين تقدم في صدر السورة.
والظاهر أن هذه السورة نزلت عقب فترة ثانية فتر فيها الوحي بعد الفترة التي نزلت إثرها سورة المدثر، فعن ابن عباس وابن جريج :( احتبس الوحي عن رسول الله ( ﷺ ) خمسة عشر يوماً أو نحوها. فقال المشركون : إن محمداً ودَّعه ربه وقلاه، فنزلت الآية ).
واحتباس الوحي عن النبي ( ﷺ ) وقع مرتين :
أولاهما : قبل نزول سورة المدثر أو المزمل، أي بعد نزول سورتين من القرآن أو ثلاث على الخلاف في الأسبق من سورتي المزمل والمدثر، وتلك الفترة هي التي خشي رسول الله ( ﷺ ) أن يكون قد انقطع عنه الوحي، وهي التي رأى عقبها جبريل على كرسي بين السماء والأرض كما تقدم في تفسير سورة المدثر، وقد قيل : إن مدة انقطاع الوحي في الفترة الأولى كانت أربعين يوماً ولم يشعر بها المشركون لأنها كانت في مبدإ نزول الوحي قبل أن يشيع الحديث بينهم فيه وقبل أن يقوم النبي ( ﷺ ) بالقرآن ليلاً.
وثانيتهما : فترة بعد نزول نحو من ثماننِ سور، أي السور التي نزلت بعد الفترة الأولى فتكون بعد تجمع عشر سور، وبذلك تكون هذه السورة حادية عشرة فيتوافق ذلك مع عددها في ترتيب نزول السور.
والاختلاف في سبب نزول هذه السورة يدل على عدم وضوحه للرواة، فالذي نظنه أن احتباس الوحي في هذه المرة كان لمدة نحو من اثني عشر يوماً وأنه ما كان إلا للرفق بالنبي ( ﷺ ) كي تسْتَجِمَّ نفسه وتعتاد قوته تحمُّل أعباء الوحي إذ كانت الفترة الأولى أربعين يوماً ثم كانت الثانية اثني عشر يوماً أو نحوها، فيكون نزول سورة الضحى هو النزول الثالث، وفي المرة الثالثة يحصل الارتياض في الأمور الشاقة ولذلك يكثر الأمر بتكرر بعض الأعمال ثلاثاً، وبهذا الوجه يجمع بين مختلف الأخبار في سبب نزول هذه السورة وسبب نزول سورة المدثر.
وحُذف مفعول ) قلى ( لدلالة ) ودعك ( عليه كقوله تعالى :( والذاكرين