" صفحة رقم ٣٩٩ "
أن وجود حرف التنفيس مانع من لحاق نون التَوكيد ولذلك تجب اللام في الجملة. وأقول في كون وجود حرف التنفيس يوجب كون اللاّم لام جواب قسم محلّ نظر.
( ٦ ٨ )
استئناف مسوق مساق الدليل على تحقق الوعد، أي هو وعد جار على سنن ما سبق من عناية الله بك من مبدإ نشأتك ولطفه في الشدائد باطراد بحيث لا يحتمل أن يكون ذلك من قبيل الصدف لأن شأن الصدف أن لا تتكرر فقد علم أن اطراد ذلك مراد لله تعالى.
والمقصود من هذا إيقاع اليقين في قلوب المشركين بأن ما وعده الله به محقق الوقوع قياساً على ما ذكره به من ملازمة لطفه به فيما مضى وهم لا يجهلون ذلك عسى أن يقلعوا عن العناد ويُسرعوا إلى الإيمان وإلا فإن ذلك مساءة تبقى في نفوسهم وأشباح رعب تخالج خواطرهم. ويحصل مع هذا المقصود امتنان على النبي ( ﷺ ) وتقوية لاطمئنان نفسه بوعد الله تعالى إياه.
والاستفهام تقريري، وفعل ) يجدك ( مضارع وجَد بمعنى ألفى وصادف، وهوالذي يتعدى إلى مفعول واحد ومفعوله ضمير المخاطب. و ) يتيماً ( حال، وكذلك ) ضالاً ( و ) عائلاً ). والكلام تمثيل لحالة تيسير المنافع لِلذي تعسرت عليه بحالة من وجَد شخصاً في شدة يتطلع إلى من يعينه أو يغيثه.
واليتيم : الصبي الذي مات أبوه وقد كان أبو النبي ( ﷺ ) توفي وهو جنين أو في أول المدة من ولادته.
والإيواء : مصدر أوَى إلى البيت، إذا رجع إليه، فالإيواء : الإِرجاع إلى المسكن، فهمزته الأولى همزة التعدية، أي جعله آوياً، وقد أطلق الإِيواء على الكفالة وكفاية الحاجة مجازاً أو استعارة، فالمعنى أنشأك على كمال الإِدراك والاستقامة وكنتَ على تربية كاملة مع أن شأن الأيتام أن ينشأوا على نقائص لأنهم لا يجدون من يُعنى بتهذيبهم وتعهدِ أحوالهم الخُلقية. وفي الحديث ( أدبني ربي فأحسن تأديبي ) فكان تكوين نفسه الزكية على الكمال خيراً من تربية الأبوين.