" صفحة رقم ٤٠١ "
( ٩ ١١ )
الفاء الأولى فصيحة.
و ( أما ) تفيد شرطاً مقدراً تقديره : مهما يكن من شيء، فكان مفادها مشعراً بشرط آخر مقدر هوالذي اجتلبت لأجله فاء الفصيحة، وتقدير نظم الكلام إذ كنت تعلم ذلك وأقررت به فعليك بشكر ربك، وبيّن له الشكر بقوله :( أمّا اليتيم فلا تقهر ( الخ.
وقد جُعل الشكر هنا مناسباً للنعمة المشكور عليها وإنما اعتبر تقدير : إذا أردتَ الشكر، لأن شكر النعمة تنساق إليه النفوس بدافع المروءة في عرف الناس، وصُدر الكلام ب ( أما ) التفصيلية لأنه تفصيل لمجمل الشكر على النعمة.
ولما كانت ( أمَّا ) بمعنى : ومهما يكن شيء، قرن جوابها بالفاء.
واليتيم مفعول لفعل ) فلا تقهر ). وقدم للاهتمام بشأنه ولهذا القصد لم يؤت به مرفوعاً وقد حصل مع ذلك الوفاء باستعمال جواب ( أما ) أن يكون مفصولاً عن ( أما ) بشيء كراهية موالاة فاء الجواب لحرف الشرط. ويظهر أنهم ما التزموا الفصل بين ( أما ) وجوابها بتقديم شيء من علائق الجواب إلا لإِرادة الاهتمام بالمقدم لأن موقع ( أما ) لا يخلو عن اهتمام بالكلام اهتماماً يرتكز في بعض أجزاء الكلام، فاجتلاب ( أما ) في الكلام أثر للاهتمام وهو يقتضي أن مثار الاهتمام بعض متعلِّقات الجملة، فذلك هو الذي يعتنون بتقديمه وكذلك القول في تقديم ) السائل ( وتقديم ) بنعمة ربك ( على فعليهما.
وقد قوبلت النعم الثلاث المتفرع عليها هذا التفصيل بثلاثة أعمال تقابلها. فيجوز أن يكون هذا التفصيل على طريقة اللف والنشر المرتب. وذلك ما درج عليه الطيبي، ويجري على تفسير سفيان بن عيينة ) السائل ( بالسائل عن الدين والهدى، فقوله :( فأما اليتيم فلا تقهر ( مقابل لقوله :( ألم يجدك يتيماً فآوى ( ( الضحى : ٦ ) لا محالة، أي فكما آواك ربك وحفظك من عوارض النقص المعتاد لليُتم، فكن أنت مُكرماً للأيتام رفيقاً بهم، فجمع ذلك في النهي عن قهره، لأن أهل الجاهلية