" صفحة رقم ٤٠٤ "
فنعم الله التي أنعم بها على نبيه ( ﷺ ) كثيرة منها ما يجب تحديثه به وهو تبليغه الناس أنه رسول من الله وأن الله أوحى إليه وذلك داخل في تبليغ الرسالة وقد كان يُعلم الناسَ الإِسلام فيقول لمن يخاطبه أن تشهد أن لا إلاه إلا الله وأني رسول الله.
ومنها تعريفه الناس ما يجب له من البر والطاعة كقوله لمن قال له :( اعدل يا رسول الله فقال : أيأمنُني الله على وحيه ولا تأمنوني )، ومنها ما يدخل التحديث به في واجب الشكر على النعمة فهذا وجوبه على النبي ( ﷺ ) خالص من عُروض المعارض لأن النبي ( ﷺ ) معصوم من عروض الرياء ولا يظن الناس به ذلك فوجوبه عليه ثابت.
وأما الأمة فقد يكون التحديث بالنعمة منهم محفوفاً برياء أو تفاخر. وقد ينكسر له خاطر من هو غير واجد مثل النعمة المتحدث بها. وهذا مجال للنظر في المعارضة بين المقتضي والمانع، وطريقة الجمع بينهما إن أمكن أو الترجيح لأحدهما. وفي ( تفسير الفخر ) : سئل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن الصحابة فأثنى عليهم فقالوا له : فحدثنا عن نفسك فقال : مهلاً فقد نهى الله عن التزكية، فقيل له : أليس الله تعالى يقول :( وأما بنعمة ربك فحدث ( فقال : فإني أُحدِّث كنتُ إذا سُئلتُ أعطيت. وإذا سُكِت ابتديت، وبين الجوانح علم جَم فاسألوني. فمن العلماء من خَص النعمة في قوله :( بنعمة ربك ( بنعمة القرآن ونعمة النبوءة وقاله مجاهد. ومن العلماء من رأى وجوب التحدث بالنعمة. رواه الطبري عن أبي نضرة.
وقال القرطبي : الخطاب للنبيء ( ﷺ ) والحكم عام له ولغيره. قال عياض في ( الشفاء ) :( وهذا خاص له عام لأمته ).
وعن عَمرو بن ميمون : إذا لقي الرجل من إخوانه من يثق به يقول له رزق الله من الصلاة البارحةَ كذا وكذا، وعن عبد الله بن غالب : أنه كان إذا