" صفحة رقم ٤١٤ "
وعد الله تعالى نبيئه ( ﷺ ) بأن الله جعل الأمور العسرة عليه يسرة له وهو ما سبق وعده له بقوله :( ونيسرك لليسرى ( ( الأعلى : ٨ ).
وحرف ) إنْ ( للاهتمام بالخبر.
وإنما لم يستغن بها عن الفاء كما يقول الشيخ عبد القاهر :( إنَّ ) تغني غَناء فاء التسبب، لأن الفاء هنا أريد بها الفصيحة مع التسبب فلو اقتصر عَلى حرف ( إنّ ) لفات معنى الفصيحة.
وتنكير ) يسراً ( للتعظيم، أي مع العسر العارض لك تيسيراً عظيماً يغلب العسر ويجوز أن يكون هذا وعداً للنبيء ( ﷺ ) ولأمته لأن ما يعرض له من عسر إنما يعرض له في شؤون دعوته للدين ولصالح المسلمين.
وروى ابن جرير عن يونس ومعمر عن الحَسَن عن النبي ( ﷺ ) أنه لما نزلت هذه الآية :( فإن مع العسر يسراً ( قال رسول الله ( ﷺ ) ( أبشروا أتاكم اليسر لن يغلب عسر يسرين ) فاقتضى أن الآية غير خاصة بالنبي ( ﷺ ) بل تعمّه وأمته. وفي ( الموطإ ) ( أن أبا عبيدة بن الجراح كتب إلى عمر بن الخطاب يَذْكُر له جموعاً من الروم وما يُتخوف منهم فكتب إليه عمر :( أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة يجعل الله بعده فرجاً وإنه لن يغلب عسر يسرين ).
وروى ابن أبي حاتم والبزار في ( مُسنده ) عن عائذِ بن شريح قال : سمعت أنس بن مالك يقول :( كان النبي ( ﷺ ) جالساً وحياله حَجَر، فقال : لو جاء العسر فدخل هذا الحَجَر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيُخرجه فأنزل الله عز وجل :( فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً ). قال البزار : لا نعلم رواه عن أنس إلا عائذ بن شريح قال ابن كثير : وقد قال أبو حاتم الرازي : في حديث عائذ بن شريح ضعف.
وروى ابن جرير مثله عن ابن مسعود موقوفاً، ويجوز أن تكون جملة :( فإن مع العسر يسراً ( معترضة بين جملة ) ورفعنا لك ذكرك ( ( الشرح : ٤ ) وجملة :( فإذا فرغت فانصب ( ( الشرح : ٧ ) تنبيهاً على أن الله لطيف بعباده فقدر أن لا يخلو عسر من مخالطة يسر وأنه لولا ذلك لهلك الناس قال تعالى ) ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ( ( النحل : ٦١ ).