" صفحة رقم ٤١٨ "
الجر المحذوف قبل حرف ( أنْ ) هو حرف ( عَن ). وذلك تأويل عائشة أم المؤمنين كما تقدم في سورة النساء.
وأما تعدية فعل ) فارغب ( هنا بحرف ) إلى ( فلتضمينه معنى الإِقبال والتوجه تشبيهاً بسير السائر إلى من عنده حاجته كما قال تعالى عن إبراهيم :( وقال إني ذاهب إلى ربي ( ( الصافات : ٩٩ ).
وتقديم إلى ) ربك ( على ) فارغب ( لإِفادة الاختصاص، أي إليه لا إلى غيره تكون رغبتك فإن صفة الرسالة أعظم صفات الخلق فلا يليق بصاحبها أن يرغب غير الله تعالى.
وحُذف مفعول ( ارغب ) ليعم كل ما يرغبه النبي ( ﷺ ) وهل يرغب النبي إلا في الكمال النفساني وانتشار الدين ونصر المسلمين.
واعلم أن الفاء في قوله :( فانصب ( ( الشرح : ٧ ) وقوله :( فارغب ( رابطة للفعل لأن تقديم المعمول يتضمن معنى الاشتراط والتقييد فإن تقديم المعمول لما أفاد الاختصاص نشأ منه معنى الاشتراط، وهو كثير في الكلام قال تعالى :( بل الله فاعبد ( ( الزمر : ٦٦ ) وقال :( وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ( ( المدثر : ٣ ٥ )، وفي تقديم المجرور قال تعالى :( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ( ( المطففين : ٢٦ ) وقال النبي ( ﷺ ) لمَن سأل منه أن يَخرج للجهاد :( ألكَ أبَوان ؟ قال : نعم : فقال ففيهما فجاهد ). بل قد يعامل معاملة الشرط في الإِعراب كما روي قول النبي ( ﷺ ) ( كما تَكونُوا يُوَلَّ عليكم ) بجزم الفعلين، وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى :( فبذلك فليفرحوا ( في سورة يونس.
وذكر الطيبي عن ( أمالي السيد ) ( يَعني ابنَ الشَجَري ) أن اجتماع الفاء والواو هنا من أعجب كلامهم لأن الفاء تعطف أو تدخل في الجواب وما أشبَهَ الجوابَ بالاسم الناقص، أو في صلة الموصول الفعلية ( لشبهها بالجواب )، وهي هنا خارجة عما وضعت له ا هـ. ولا يبقى تعجب بعد ما قررناه.