" صفحة رقم ٤٣٠ "
مَنّ عليه، ويجوز أن يكون مفعولاً من مَنَّ الحبلَ، إذا قطعه فهو منين، أي مقطوع أو موشك على التقطع.
( ٧، ٨ )
تفريع على جميع ما ذكر من تقويم خلق الإنسان ثم رده أسفل سافلين، لأن ما بعد الفاء من الكلام مسبّب عن البيان الذي قبل الفاء، أي فقد بان لك أن غير الذين آمنوا هم الذين رُدُّوا إلى أسفل سافلين، فمن يكذب منهم بالدين الحق بعد هذا البيان.
و ( مَا ) يَجوز أن تكون استفهامية، والاستفهام توبيخي، والخطاب للإِنسان المذكور في قوله :( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ( ( التين : ٤ ) فإنه بعد أن استثني منه الذين آمنوا بقي الإِنسان المكذب.
وضمير الخطاب التفات، ومقتضى الظاهر أن يقال : فما يكذبه. ونكتة الالتفات هنا أنه أصرح في مواجهة الإِنسان المكذب بالتوبيخ.
ومعنى ) يكذبك ( يَجعلك مُكذباً، أي لا عذر لك في تكذيبك بالدين.
ومتعلق التكذيب : إمَّا محذوف لظهوره، أي يجعلك مكذّباً بالرسول ( ﷺ ) وأمّا المجرور بالباء، أي يجعلك مكذباً بدين الإِسلام، أو مكذباً بالجزاء إن حمل الدين على معنى الجزاء وجملة :( أليس الله بأحكم الحاكمين ( مستأنفة للتهديد والوعيد.
و ) الدين ( يجوز أن يكون بمعنى الملة والشريعة، كقوله تعالى :( إن الدين عند الله الإسلام ( ( آل عمران : ١٩ ) وقوله :( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً ( ( آل عمران : ٨٥ ).
وعليه تكون الباء للسببية، أي فمن يكذبك بعد هذا بسبب ما جئتَ به من الدين فالله يحكم فيه. ومعنى ) يكذبك ( : ينسبك للكذب بسبب ما جئت به من الدين أو ما أنذرت به من الجزاء، وأسلوب هذا التركيب مؤذن بأنهم لم يكونوا ينسبون النبي ( ﷺ ) إلى الكذب قبل أن يجيئهم بهذا الدين.