" صفحة رقم ٤٣٧ "
وعدل عن اسم الله العَلم إلى صفة ) ربك ( لما يؤذن وصف الرب من الرأفة بالمربوب والعناية به، مع ما يتأتى بذكره من إضافته إلى ضمير النبي ( ﷺ ) إضافة مؤذنة بأنه المنفرد بربوبيته عنده رداً على الذين جعلوا لأنفسهم أرباباً من دون الله فكانت هذه الآية أصلاً للتوحيد في الإسلام.
وجيء في وصف الربّ بطريق الموصول ) الذي خلق ( ولأن في ذلك استدلالاً على انفراد الله بالإلاهية لأن هذا القرآن سيُتلى على المشركين لما تفيده الموصولية من الإيماء إى علة الخبر، وإذا كانت علة الإقبال على ذكر اسم الرب هي أنه خالق دل ذلك على بطلان الإقبال على ذكر غيره الذي ليس بخالق، فالمشركون كانوا يقبلون على اسم اللات واسم العزى، وكونُ الله هو الخالق يعترفون به قال تعالى :( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ( ( لقمان : ٢٥ ) فلما كان المقام مقام ابتداء كتاب الإسلام دين التوحيد كان مقتضياً لذكر أدلّ الأوصاف على وحدانيته.
وجملة ) خلق الإنسان من علق ( يجوز أن تكون بدلاً من جملة ) الذي خلق ( بدل مفصَّل من مُجْمل إن لم يقدر له مفعول، أو بدل بعض إن قُدِّر له مفعول عام، وسُلك طريق الإبدال لما فيه من الإجمال ابتداءً لإقامة الاستدلال على افتقار المخلوقات كلها إليه تعالى لأن المقام مقام الشروع في تأسيس ملة الإسلام. ففي الإجمال إحضار للدليل مع الاختصار مع ما فيه من إفادة التعميم ثم يكون التفصيل بعد ذلك لزيادة تقرير الدليل.
ويجوز أن تكون بياناً من ) الذي خلق ( إذا قُدر لفعل ) خلق ( الأول مفعول دل عليه بيانه فيكون تقدير الكلام : اقرأ باسم ربك الذي خلق الإنسان من علق.
وعدم ذكر مفعول لفعل ) خلق ( يجوز أن يكون لتنزيل الفعل منزلة اللازم، أي الذي هو الخالق وأن يكون حذف المفعول لإرادة العموم، أي خلق كل المخلوقات، وأن يكون تقديره : الذي خلق الإنسان اعتماداً على ما يرد بعده من قوله ) خلق الإنسان (، فهذه معانٍ في الآية.


الصفحة التالية
Icon