" صفحة رقم ٤٤٣ "
وقال الطبري : ذكر أن آية ) أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى ( وما بعدها نزلت في أبي جهل بن هشام وذلك أنه قال فيما بلغنا : لئن رأيت محمداً يصلي لأطأن رقبته. فجعل الطبري ما أنزل في أبي جهل مبدوءاً بقوله :( أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى ).
ووجه الجمع بين الروايتين : أن النازل في أبي جهل بعضه مقصود وهو ما أوّله ) أرأيت الذي ينهى ( الخ، وبعضه تمهيد وتوطئة وهو :( إن الإنسان ليطغى ( إلى ) الرجعى ).
واختلفوا في أن هذه الآيات إلى آخر السورة نزلت عقب الخمس الآيات الماضية وجعلوا مما يناكده ذِكر الصلاة فيها. وفيما روي في سبب نزولها من قول أبي جهل بناءً على أن الصلاة فُرضت ليلة الإِسراء وكانَ الإِسراء بعد البعثة بسنين، فقال بعضهم : إنها نزلت بعد الآيات الخمس الأولى من هذه السورة، ونزل بينهن قرآن آخر ثم نزلت هذه الآيات، فأمر رسول الله ( ﷺ ) بإلحاقها، وقال بعض آخر : ليست هذه السورة أول ما أنزل من القرآن.
وأنا لا أرى مناكدة تفضي إلى هذه الحيرة والذي يستخلص من مختلف الروايات في بدء الوحي وما عَقبه من الحوادث أن الوحي فتَر بعد نزول الآيات الخمس الأوائل من هذه السورة وتلك الفترة الأولى التي ذكرناها في أول سورة الضحى، وهناك فترة للوحي هذه ذكرها ابن إسحاق بعد أن ذكر ابتداء نزول القرآن وذلك يؤذن بأنها حصلت عقب نزول الآيات الخمس الأول ولكن أقوالهم اختلفت في مدة الفترة. وقال السهيلي : كانت المدة سنتين، وفيه بعد. وليس تحديد مدتها بالأمر المهم ولكن الذي يهم هو أنا نوقن بأن النبي ( ﷺ ) كان في مدة فترة الوحي يرى جبريل ويتلقى منه وحياً ليس من القرآن. وقال السهيلي في ( الروض الأنُف ) : ذكر الحربي أن الصلاة قبل الإِسراء كانت صلاة قبل غروب الشمس ( أي العصر ) وصلاة قبل طلوعها ( أي الصبح )، وقال يحيى بن سلام مثله، وقال : كان الإِسراء وفرض الصلوات الخمس قبل الهجرة بعام اه. فالوجه أن تكون الصلاة التي كان يصليها النبي ( ﷺ ) صلاة غير الصلوات الخمس بل كانت هيئة غير مضبوطة بكيفية وفيها سجود لقول الله تعالى :( واسجد واقترب ( ( العلق : ١٩ )


الصفحة التالية
Icon