" صفحة رقم ٤٦٤ "
و ) مِن ( في قوله ) من كل أمر ( يجوز أن تكون بيانية تبين الإِذن من قوله :( بإذن ربهم (، أي بإذن ربهم الذي هو في كل أمر.
ويجوز أن تكون بمعنى الباء، أي تتنزل بكل أمر مِثل ما في قوله تعالى :( يحفظونه من أمر اللَّه ( ( الرعد : ١١ ) أي بأمر الله، وهذا إذا جعلت باء ) بإذن ربهم ( سببية، ويجوز أن تكون للتعليل، أي من أجل كل أمر أراد الله قضاءه بتسخيرهم.
و ) كل ( مستعملة في معنى الكثرة للأهمية، أي في أمور كثيرة عظيمة كقوله تعالى :( ولو جاءتهم كل آية ( ( يونس : ٩٧ ) وقوله :( يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر ( ( الحج : ٢٧ ) وقوله :( واضربوا منهم كل بنان ( ( الأنفال : ١٢ ). وقول النابغة :
بها كلَّ ذيَّال وخنساءَ تَرْعوي
إلى كل رَجَّاف من الرمل فارد
وقد بينا ذلك عند قوله تعالى :( وعلى كل ضامر في سورة الحج.
وتنوين أمر ( للتعظيم، أي بأنواع الثواب على الأعمال في تلك الليلة. وهذا الأمر غير الأمر الذي في قوله تعالى :( فيها يفرق كل أمر حكيم ( ( الدخان : ٤ ) مع أن ) أمراً من عندنا في سورة الدخان متحدة مع اختلاف شؤونها، فإن لها شؤوناً عديدة.
ويجوز أن يكون هو الأمر المذكور هنا فيكون هنا مطلقاً وفي آية الدخان مقيداً.
واعلم أن موقع قوله : تنزل الملائكة والروح فيها ( إلى قوله :( من كل أمر (، من جملة :( ليلة القدر خير من ألف شهر ( ( القدر : ٣ ) موقع الاستئناف البياني أو موقع بدل الاشتمال فلمراعاة هذا الموقع فصلت الجملة عن التي قبلها ولم تعطف عليها مع أنهما مشتركتان في كون كل واحدة منهما تفيد بياناً لجملة :( وما أدراك ما ليلة القدر ( ( القدر : ٢ )، فأوثرت مراعاةُ موقعها الاستئنافي أو البدلي على مراعاة اشتراكهما في كونها بياناً لجملة :( وما أدراك ما ليلة القدر ( لأن هذا البيان لا يفوت السامع عند إيرادها في صورة البيان أو البدل بخلاف ما لو عطفت على التي قبلها بالواو لفوات الإِشارة إلى أن تنزل الملائكة فيها من أحوال خيريتها.
وجملة :( سلام هي حتى مطلع الفجر ( بيان لمضمون ) من كل أمر ( وهو


الصفحة التالية
Icon