" صفحة رقم ٥٠٠ "
والقَدْح : حكّ جسم على آخر ليقدح ناراً، يقال : قدح فأورَى. وانتصب ) قدحا ( على أنه مفعول مطلق مُؤكّد لعامله. وكل من سنابك الخيل ومناسم الإِبل تقدح إذا صَكَّت الحجر الصَّوَّان ناراً تسمى نار الحُباحب، قال الشنفرى يشبِّه نفسه في العدو ببعير :
إذا الأمْعَز الصَّوَّان لاقَى مَناسمي
تَطَايَر منه قَادح ومُفلَّل
وذلك كناية عن الإِمعان في العدو وشدة السرعة في السير.
ويجوز أن يراد قَدح النيرَان بالليل حين نزولهم لحاجتهم وطعامهم، وجُوز أن يكون ) الموريات قدحاً ( مستعار لإِثارة الحرب لأن الحرب تشبَّه بالنار. قال تعالى :( كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها اللَّه ( ( المائدة : ٦٤ )، فيكون ) قدحاً ( ترشيحاً لاستعارة ) الموريات ( ومنصوباً على المفعول المطلق ل ) الموريات ( وجُوز أن يكون ) قدحاً ( بمعنى استخراج المرق من القِدر في القداح لإِطعام الجيش أو الركْب، وهو مشتق من اسم القَدَح، وهو الصحفة فيكون ) قدحاً ( مصدراً منصوباً على المفعول لأجله.
والمغيرات : اسم فاعل من أغار، والإِغارة تطلق على غزو الجيش داراً وهو أشهر إطلاقها فإسناد الإِغارة إلى ضمير ) العاديات ( مجاز عقلي فإن المغيرين راكبوها ولكن الخيل أو إبل الغزو أسباب للإِغارة ووسائل.
وتطلق الإِغارة على الاندفاع في السير.
و ) صبحاً ( ظرف زمان فإذا فسر ( المغيرات ) بخيل الغزاة فتقييد ذلك بوقت الصبح لأنهم كانوا إذا غزوا لا يغيرون على القوم إلا بعد الفجر ولذلك كان مُنذر الحَيِّ إذا أنذر قومه بمجيء العدوّ نادى : يا صَبَاحاه، قال تعالى :( فإذا نَزَل بساحتهم فساء صباح المنذرين ( ( الصافات : ١٧٧ ).
وإذا فسر ( المغيرات ) بالإِبل المسرعات في السير، فالمراد : دفعها من مزدلفة إلى منى صباحَ يوم النحر وكانوا يدفعون بكرة عندما تُشرق الشمس على ثبير ومن أقوالهم في ذلك :( أشْرِق ثَبير كيما نغير ).


الصفحة التالية
Icon