" صفحة رقم ٥٠٢ "
الصفات الثلاث التي قبلها لأن إثارة النقع وتوسط الجمع من آثار الإِغارة صُبحاً، وليسا مُقْسماً بهما أصالةً وإنما القَسم بالأوصاف الثلاثة الأولى.
فلذلك غُير الأسلوب في قوله :( فأثرن به نقعاً فوسطن به جمعاً ( فجيء بهما فعلين ماضيين ولم يأتيا على نسق الأوصاف قبلهما بصيغة اسم الفاعل للإِشارة إلى أن الكلام انتقل من القَسَم إلى الحكاية عن حصول ما تَرتَّبَ على تلك الأوصاف الثلاثة ما قُصد منها من الظفَر بالمطلوب الذي لأجله كان العَدو والإِيراء والإِغارة عقبه وهي الحلُول بدار القوم الذين غزَوهم إذَا كان المراد ب ) العاديات ( الخيل، أو بلوغُ تمام الحج بالدفع عن عرفة إذا كان المراد ب ) العاديات ( رواحل الحجيج، فإن إثارة النقع يشعرون بها عند الوصول حين تقف الخيل والإِبل دفعة، فتثير أرجلها نقعاً شديداً فيما بينهما، وحينئذ تتوسطن الجمع من الناس. وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون المراد بقوله :( جمعاً ( اسم المزدلفة حيث المشعر الحرام.
ومناسبة القسم بهذه الموصوفات دون غيرها إن أريد رواحل الحجيج وهو الوجه الذي فسر به علي بن أبي طالب هو أن يصدّق المشركون بوقوع المقسم عليه لأن القسم بشعائر الحج لا يكون إلا باراً حيث هم لا يصدقون بأن القرآن كلام الله ويزعمونه قول النبي ( ﷺ )
وإن أريد ب ) العاديات ( وما عطف عليها خيل الغزاة، فالقسم بها لأجل التهويل والترويع لإِشعار المشركين بأنَّ غارة تترقبهم وهي غزوة بدر، مع تسكين نفس النبي ( ﷺ ) من التردد في مصير السرية التي بعث بها مع المُنذر بن عَمْرو إذا صحّ خبرها فيكون القسم بخصوص هذه الخيل إدماجاً للاطمئنان.
وجملة :( إن الإنسان لربه لكنود ( جواب القسم.
والكَنود : وصف من أمثلة المبالغة من كَند ولغات العرب مختلفة في معناه فهو في لغة مضر وربيعةَ : الكفور بالنعمة، وبلغة كنانة : البخيل، وفي لغة كِندة وحضرموت : العاصي. والمعنى : لشديد الكفران لله.
والتعريف في ) الإنسان ( تعريف الجنس وهو يفيد الاستغراق غالباً، أي أن