" صفحة رقم ٥٠٤ "
وتقديم ) لربه ( لإِفادة الاهتمام بمتعلق هذا الكنود لتشنيع هذا الكنود بأنه كنود للرب الذي هو أحق الموجودات بالشكر وأعظم ذلك شرك المشركين، ولذلك أكد الكلام بلام الابتداء الداخلة على خبر ( إنَّ ) للتعجيب من هذا الخبر.
وتقديم ) لربه ( على عامله المقترن بلام الابتداء وهي من ذوات الصدر لأنهم يتوسعون في المجرورات والظروف، وابنُ هشام يرى أن لام الابتداء الواقعة في خبر ( إنَّ ) ليست بذات صدارة.
وضمير ) وإنه على ذلك لشهيد ( عائد إلى الإنسان على حسب الظاهر الذي يقتضيه انتساق الضمائر واتحاد المتحدث عنه وهو قول الجمهور.
والشهيد : يطلق على الشاهد وهو الخبر بما يُصدَّق دعوى مدع، ويطلق على الحاضر ومنه جاء إطلاقه على العالم الذي لا يفوته المعلوم، ويطلق على المقر لأنه شهد على نفسه.
والشهيد هنا : إما بمعنى المقر كما في ( أشْهد أن لا إلاه إلا الله ).
والمعنى : أن الإنسان مقر بكنوده لربه من حيث لا يقصد الإِقرار، وذلك في فلتات الأقواللِ مثل قول المشركين في أصنامهم :( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللَّه زلفى ( ( الزمر : ٣ ). فهذا قول يلزمه اعترافهم بأنهم عبدوا ما لا يستحق أن يُعبد وأشركوا في العبادة مع المستحق للانفراد بها، أليس هذا كنوداً لربهم، قال تعالى :( وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ( ( الأنعام : ١٣٠ )، وفي فلتات الأفعال كما يعرض للمسلم في المعاصي.
والمقصود من هذه الجملة تفظيع كنود الإنسان بأنه معلوم لصاحبه بأدنى تأمل في أقواله وأفعاله. وعلى هذا فحرف ) على ( متعلق ب ( شهيد ) واسم الإِشارة مُشار به إلى الكُنود المأخوذ من صفة ( كَنود ).
ويجوز أن يكون ( شهيد ) بمعنى ( عليم ) كقول الحارث بن حِلَّزة في عمرو بن هند :
وهو الربُّ والشهيدُ على يَوْ
م الخيَارَيْنِ والبَلاء بَلاء


الصفحة التالية
Icon