" صفحة رقم ٥٤٠ "
والنبذ : الإِلقاء والطرح، وأكثر استعماله في إلقاء ما يكره. قال صاحب ( الكشاف ) في قوله تعالى :( فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ( ( القصص : ٤٠ ) شبههم استحقاراً لهم بحَصَيات أخذَهُن آخذٌ بكفه فطرحهن اه.
والحُطمة : صفة بوزن فُعَلَة، مثل ما تقدم في الهُمزة، أي لينبذن في شيء يحطمه، أي يكسره ويدقه.
والظاهر أن اللام لتعريف العهد لأنه اعتبر الوصف علماً بالغلبة على شيء يحطم وأريد بذلك جهنم، وأن إطلاق هذا الوصف على جهنم من مصطلحات القرآن. وليس في كلام العرب إطلاق هذا الوصف على النار.
فجملة :( وما أدراك ما الحطمة ( في موضع الحال من قوله :( الحطمة ( والرابط إعادة لفظ الحطمة، وذلك إظهار في مقام الإِضمار للتهويل كقوله :( الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة ( ( الحاقة : ١ ٣ ) وما فيها من الاستفهام، وفعل الدراية يفيد تهويل الحطمة، وقد تقدم ) ما أدراك ( غير مرة منها عند قوله :( وما أدراك ما يوم الدين في سورة الانفطار.
وجملة : نار الله الموقدة ( جواب عن جملة ) وما أدراك ما الحطمة ( مفيد مجموعهما بيان الحطمة ما هي، وموقع الجملة موقع الاستئناف البياني، والتقدير هي، أي الحطمة نار الله، فحُذف المبتدأ من الجملة جرياً على طريقة استعمال أمثاله من كل إخبار عن شيء بعد تقدم حديث عنه وأوصاف له، وقد تقدم عند قوله تعالى :( صم بكم عمي في سورة البقرة.
وإضافة نار ( إلى اسم الجلالة للترويع بها بأنها نار خلقها القادر على خلق الأمور العظيمة.
ووصف ) نار ( ب ( موقدة )، وهو اسم مفعول من : أوقد النار، إذا أشعلها وألهبَها. والتوقد : ابتداء التهاب النار فإذا صارت جمراً فقد خفّ لهبها، أو زال، فوصف ) نار ( ب ( موقدة ) يفيد أنها لا تزال تلتهب ولا يزول لهيبها. وهذا كما وُصفت نار الأخدود بذات الوَقود ( بفتح الواو ) في سورة البروج، أي النار التي يُجدد اتقادها بوقود وَهو الحَطب الذي يُلقَى في النار لتتقد فليس الوصف بالموقَدة هنا تأكيداً.