" صفحة رقم ٥٤٧ "
سنة ٥٧٠ بعد ميلاد عيسى عليه السلام، وبعد هذا الحادث بخمسين يوماً ولد النبي على أصح الأخبار وفيها اختلاف كثير.
والتعريف في الفيل } للعهد، وهو فيل أبرهة قائد الجيش كما قالوا للجيش الذي خرج مع عائشة أم المؤمنين أصحاب الجَمل يريدون الجمل الذي كانت عليه عائشة، مع أن في الجيش جمالاً أخرى. وقد قيل : إن جيش أبرهة لم يكن فيه إلا فيل واحد، وهو فيل أبرهة، وكان اسمه محمود. وقيل : كان فيه فِيَلَة أخرى، قيل ثمانية وقيل : اثنا عشر. وقال بعضٌ : ألف فيل. ووقع في رجز ينسب إلى عبد المطلب :
أنتَ منعتَ الحُبْشَ والأفْيالا
فيكون التعريف تعريف الجنس ويكون العهد مستفاداً من الإِضافة.
والفيل : حيوان عظيم من ذوات الأربع ذواتتِ الخف، من حيوان البلاد الحارة ذات الأنهار من الهند والصين والحبشة والسودان، ولا يوجد في غير ذلك إلا مجلوباً، وهو ذكي قابل للتأنس والتربية، ضخم الجثة أضخم من البعير، وأعلى منه بقليل وأكثر لحماً وأكبر بطناً. وخف رجله يشبه خف البعير وعنقه قصير جداً له خرطوم طويل هو أنفه يتناول به طعامه وينتشق به الماء فيفرغه في فيه ويدافع به عن نفسه يختطف به ويلويه على ما يريد أذاه من الحيوان، ويلقيه على الأرض ويدوسه بقوائمه. وفي عينيه خزر وأذناه كبيرتان مسترخيتان، وذَنبه قصير أقصر من ذنب البعير وقوائمه غليظة. ومناسمه كمناسم البعير وللذكر منه نابان طويلان بارزان من فمه يتخِذ الناس منها العاجَ. وجلده أجرد مثل جلد البقر، أصهب اللون قاتم كلون الفار ويكون منه الأبيض الجلد. وهو مركوبٌ وحاملُ أثقال وأهل الهند والصين يجعلون الفيل كالحصن في الحرب يجعلون محفة على ظهره تسع ستة جنود. ولم يكن الفيل معروفاً عند العرب فلذلك قلّ أن يُذكر في كلامهم وأول فيل دخل بلاد العرب هو الفيل المذكور في هذه السورة.
وقد ذكرت أشعار لهم في ذكر هذه الحادثة في السيرة. ولكن العرب كانوا يسمعون أخبار الفيل ويتخيلونه عظيماً قوياً، قال لبيد :
ومقاممٍ ضيِّق فرَّجْتُه
ببيانٍ ولسان وجَدل


الصفحة التالية
Icon