" صفحة رقم ٥٦٩ "
فإطلاق المصلين عليهم بمعنى المتظاهرين بأنهم يصلون وهو من إطلاق الفعل على صورته كقوله تعالى :( يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة ( ( التوبة : ٦٤ ) أي يظهرون أنهم يحذرون تنزيل سورة.
) ويمنعون الماعون ( أي الصدقة أو الزكاة، قال تعالى في المنافقين :( ويقبضون أيديهم ( ( التوبة : ٦٧ ) فلما عُرفوا بهذه الخلال كان مفاد فاء التفريع أن أولئك المتظاهرين بالصلاة وهم تاركوها في خاصتهم هم من جملة المكذبين بيوم الدين ويدُعُّون اليتيم ولا يحضّون على طعام المسكين.
وحكى هبة الله بن سَلاَمَة في كتاب ( الناسخ والمنسوخ ) : أن هذه الآيات الثلاث نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول، أي فإطلاق صيغة الجمع عليه مراد بها واحد على حد قوله تعالى :( كذبت قوم نوح المرسلين ( ( الشعراء : ١٠٥ ) أي الرسول إليهم.
والسهو حقيقته : الذهول عن أمر سبق عِلمُه، وهو هنا مستعار للإِعراض والترك عن عمد استعارة تهكمية مثل قوله تعالى :( وتنسون ما تشركون ( ( الأنعام : ٤١ ) أي تعرضون عنهم، ومثله استعارة الغفلة للإعراض في قوله تعالى :( بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين في سورة الأعراف وقوله تعالى : والذين هم عن آياتنا غافلون في سورة يونس، وليس المقصود الوعيد على السهو الحقيقي عن الصلاة لأن حكم النسيان مرفوع على هذه الأمة، وذلك ينادي على أن وصفهم بالمصلين تهكم بهم بأنهم لا يصلون.
واعلم أنه إذا أراد الله إنزال شيء من القرآن ملحقاً بشيء قبله جعَل نظم الملحق مناسباً لما هو متصل به، فتكون الفاء للتفريع. وهذه نكتة لم يسبق لنا إظهارها فعليك بملاحظتها في كل ما ثبت أنه نزل من القرآن ملحقاً بشيء نزل قبله منه.


الصفحة التالية
Icon