" صفحة رقم ٥٩٠ "
) إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَواِبَا (
) إذا ( اسم زمان مبهم يتعين مقدارهُ بمضمون جملةٍ يضاف إليها هو. ف ) إذا ( اسمُ زمان مطلق، فقد يستعمل للزمن المستقبل غالباً. ولذلك يضمَّن معنى الشرط غالباً، ويكون الفعل الذي تضاف إليه بصيغة الماضي غالباً لإفادة التحقق، وقد يكون مضارعاً كقوله تعالى :( وهو على جمعهم إذا يشاء قدير ( ( الشورى : ٢٩ ).
ويستعمل في الزمن الماضي وحينئذ يتعين أن تقع الجملة بعده بصيغة الماضي، ولا تضمن ) إذا ( معنى الشرط حينئذ وإنما هي لمجرد الإِخبار دون قصد تعليق نحو :( وإذَا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها ( ( الجمعة : ١١ ).
و ) إذا ( هنا مضمنة الشرط لا محالة لوجود الفاء في قوله :( فسبح بحمد ربك ( وقضية الاستقبال وعدمه تقدمت.
والنصر : الإِعانة على العدوّ. ونصر الله يعقبه التغلب على العدو. و ) الفتح ( : امتلاك بلد العدوّ وأرضِه لأنه يكون بفتح باب البلد كقوله تعالى :( ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ( ( المائدة : ٢٣ )، ويكون باقتحام ثغور الأرض ومحارسها فقد كانوا ينزلون بالأَرضين التي لها شعاب وثغور قال لبيد :
وأَجَنَّ عوراتتِ الثغور ظَلاَمُها
وقد فتح المسلمون خيْبر قبل نزول هذه الآية فتعين أن الفتح المذكور فيها فتح آخر وهو فتح مكة كما يشعر به التعريف بلام العهد، وهو المعهود في قوله تعالى :( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك اللَّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً وينصرك اللَّه نصراً عزيزاً ( ( الفتح : ١ ٣ ).
فإضافة ) نصر ( إلى ) اللَّه ( تشعر بتعظيم هذا النصر وأنه نصر عزيز خارق للعادة اعتنى الله بإيجاد أسبابه ولم تجر على متعارف تولد الحوادث عن أمثالها.
و ) جاء ( مستعمل في معنى : حصَل وتحقق مجازاً.


الصفحة التالية
Icon