" صفحة رقم ٥٩٢ "
تحقق ما وعدناك به من النصر والفتح وعموم الإِسلام بلادَ العرب فسبح بحمد ربك، وهو مراد مَن قال من المفسرين ) إذا ( بمعنى ( قد )، فهو تفسير حاصل المعنى، وليست ) إذا ( مما يأتي بمعنى ( قد ).
والرؤية في قوله :( ورأيت الناس ( يجوز أن تكون علمية، أي وعلمت علم اليقين أن الناس يدخلون في دين الله أفواجاً وذلك بالأخبار الواردة من آفاق بلاد العرب ومواطن قبائلهم وبمَنْ يحضر من وفودهم. فيكون جملة ) يدخلون ( في محل المفعول الثاني ل ) رأيت ).
ويجوز أن تكون رؤية بصرية بأن رأى أفواج وفود العرب يردون إلى المدينة يدخلون في الإِسلام وذلك سنة تسع، وقد رأى النبي ( ﷺ ) ببصره ما علم منه دخولهم كلهم في الإِسلام بمن حضر معه الموقف في حجة الوداع فقد كانوا مائة ألف من مختلف قبائل العرب فتكون جملة ) يدخلون ( في موضع الحال من الناس.
و ) دين اللَّه ( هو الإِسلام لقوله تعالى :( إن الدين عند اللَّه الإسلام ( ( آل عمران : ١٩ ) وقوله :( فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت اللَّه التي فطر الناس عليها ( ( الروم : ٣٠ ).
والدخول في الدين : مستعار للنطق بكلمة الشهادة والتزام أحكام الدين الناشئة عن تلك الشهادة. فشُبه الدين ببيت أو حظيرة على طريقة المكنية ورمز إليه بما هو من لوازم المشبه به وهو الدخول، على تشبيه التلبس بالدين بتلبس المظروف بالظرف، ففيه استعارة أخرى تصريحية.
و ) الناس ( : اسم جمع يدل على جماعة من الآدميين، وقد تقدم عند قوله تعالى :( ومن الناس من يقول آمنا باللَّه ( في سورة البقرة. وإذا عُرّف اسم ناس باللام احتملت العهد نحو :( الذين قال لهم الناس ( ( آل عمران : ١٧٣ )، واحتملت الجنس نحو :( إن الناس قد جمعوا لكم ( ( آل عمران : ١٧٣ ) واحتملت الاستغراق نحو :( ومن الناس من يقول ( ( البقرة : ٨ ) ونحو :( قل أعوذ برب الناس ( ( الناس : ١ ).
والتعريف في هذه الآية للاستغراق العرفي، أي جميع الناس الذين يخطرون بالبال لعدم إرادة معهودين معينني ولاستحالة دخول كل إنسان في دين الله بدليل


الصفحة التالية
Icon