" صفحة رقم ٥٩٥ "
النبي ( ﷺ ) على أصحابه ففرحوا واستبشروا وبكى العباس فقال له النبي ( ﷺ ) ما يبكيك يا عم ؟ قال : نُعيتْ إليك نفسك. فقال : إنه لكَما تقول ). وفي رواية :( نزلت في منى فبكى عمر والعباس فقيل لهما، فقالا : فيه نُعي رسول الله فقال النبي ( ﷺ ) صدقتما نُعِيَتْ إليّ نفسي ).
وفي ( صحيح البخاري ) وغيره عن ابن عباس :( كان عمر يأذن لأهل بدر ويأذن لي معهم فوجد بعضهم من ذلك، فقال لهم عمر : إنه مَن قد علمتم. قال : فأذن لهم ذات يوم وأذن لي معهم، فسألهم عن هذه السورة :( إذا جاء نصر الله والفتح ( فقالوا : أمر الله نبيئه إذا فتح عليه أن يستغفره ويتوب إليه فقال : ما تقول يا ابن عباس ؟ قلت : ليس كذلك ولكن أخبر الله نبيئه حضور أجله فقال :( إذا جاء نصر الله والفتح (، فذلك علامة موتك ؟ فقال عمر : ما أعلم منها إلا ما تقول ) فهذا فهم عمر والعباس وعبد الله ابنه.
وقال في ( الكشاف ) : روي أنه لما نزلت خطب رسول الله ( ﷺ ) فقال :( إن عبداً خيّره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله عز وجل. فعلم أبو بكر فقال : فديناك بأنفسنا وأموالنا وآبائنا وأولادنا ) اه.
قال ابن حجر في ( تخريج أحاديث الكشاف ) : الحديث متفق عليه إلا صدره دون أوله من كونه كان عند نزول السورة ا هـ. ويحتمل أن يكون بكاء أبي بكر تكرر مرتين أولاهما عند نزول سورة النصر كما في رواية ( الكشاف ) والثانية عند خطبة النبي ( ﷺ ) في مرضه.
وعن ابن مسعود أن هذه السورة ( تسمى سورة التوديع ) أي لأنهم علموا أنها إيذان بقرب وفاة رسول الله ( ﷺ )
وتقديم التسبيح والحمد على الاستغفار لأن التسبيح راجع إلى وصف الله تعالى بالتنزه عن النقص وهو يجمع صفات السلب، فالتسبيح متمحض لجانب الله تعالى، ولأن الحمد ثناء على الله لإنعامه، وهو أداء العبد ما يجب عليه لشكر المنعم فهو مستلزم إثبات صفات الكمال لله التي هي منشأ إنعامه على عبده فهو جامع بين جانب الله وحظ العبد، وأما الاستغفار فهو حظ للعبد وحده لأنه طلبه اللَّه أن يعفو عما يؤاخذه عليه.


الصفحة التالية
Icon