" صفحة رقم ٦٠٦ "
فقوله :( وامرأته ( عطف على الضمير المستتر في ) سيصلى ( ( المسد : ٣ ) أي وتصلى امرأته ناراً.
وقوله :( حمالةُ الحطب ( قرأه الجمهور برفع ) حمالةُ ( على أنه صفة لامرأته فيَحتمل أنها صفتها في جهنم ويحتمل أنها صفتها التي كانت تعمل في الدّنيا بجلب حطب العضاه لتضعه في طريق النبي ( ﷺ ) على طريقة التوجيه والإِيماء إلى تعليل تعذيبها بذلك.
وقرأه عاصم بنصب ) حمالة ( على الحال من ) امرأته ). وفيه من التوجيه والإِيماء ما في قراءة الرفع.
وجملة :( في جيدها حبل من مسد ( صفة ثانية أو حال ثانية وذلك إخبار بما تعامل به في الآخرة، أي جعل لها حبل في عنقها تحمِل فيه الحطب في جهنم لإِسعار النار على زوجها جزاء مماثلاً لعملها في الدنيا الذي أغضب الله تعالى عليها.
والجِيد : العُنق، وغلَب في الاستعمال على عنق المرأة وعلى محل القلادة منه فَقَلّ أن يذكر العُنق في وصف النساء في الشعر العربي إلا إذا كان عُنُقاً موصوفاً بالحسن وقد جمعهما امرؤ القيس في قوله :
وجيدٍ كجِيد الرِئم ليس بفاحش
إذا هي نَصَّتْه ولا بمُعَطَّل
قال السهيلي في ( الروض ) :( والمعروف أن يذكر العنق إذا ذكر الحَلي أو الحُسن فإنما حَسُن هنا ذِكر الجيد في حكم البلاغة لأنها امرأة والنساء تحلي أجيادَهن وأم جميل لا حلي لها في الآخرة إلا الحَبل المجعول في عنقها فلما أقيم لها ذلك مقام الحَلي ذُكر الجيد معه، ألا ترى إلى قول الأعشى :
يومَ تبدي لنا قتيلةُ عن جي
د أسيل تزينُه الأطواق
ولم يقل عن عنق، وقول الآخر :
وأحسن من عقد المليحة جيدُها
ولم يقل عنقها ولو قال لكان غثاً من الكلام. ا هـ.


الصفحة التالية
Icon