" صفحة رقم ٦٣٦ "
كقوله تعالى :( يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ( ( آل عمران : ٧٨ ).
وأما تكريره المرة الثالثة بقوله :( في صدور الناس ( فهو إظهار لأجل بُعد المعاد.
وأما تكريره المرة الرابعة بقوله :( من الجنة والناس ( فلأنه بيان لأحد صنفي الذي يوسوس في صدور الناس، وذلك غير ما صَدْق كلمة ) الناس ( في المرّات السابقة.
والله يكفينا شر الفريقين، وينفعنا بصالح الثقلين.
تم تفسير ( سورة الناس ) وبه تم تفسير القرآن العظيم.
يقول محمد الطاهر ابن عاشور : قد وفيتُ بما نويت، وحقق الله ما ارتجيتُ فجئتُ بما سمح به الجُهد من بيان معاني القرآن ودقائق نظامه وخصائص بلاغته، مما اقتَبس الذهنُ من أقوال الأيمة، واقتدح من زَنْد لإِنارة الفكر وإلهاب الهمّة، وقد جئتُ بما أرجو أن أكون وُفِّقْتُ فيه للإِبانة عن حقائقَ مغفوللٍ عنها، ودقائق ربما جَلَتْ وجوهاً ولم تَجْلُ كُنْهاً، فإن هذا مَنَال لا يبلغ العقلُ البشري إلى تمامه، ومن رام ذلك فقد رام والجوزاءُ دون مَرامِهْ.
وإن كلام رب الناس، حقيق بأن يُخدم سَعياً على الرأس، وما أدَّى هذا الحقَّ إلاّ قلَم المفسر يسعَى على القرطاس، وإن قلمي طالما استَنَّ بشوط فسيح، وكم زُجر عند الكَلاَللِ والإِعْيَاءِ زَجْر المَنيح، وإذ قد أتى على التمام فقد حَقَّ له أن يستريح.


Icon