" صفحة رقم ٦٤ "
وقيل :( السابحات ( النجوم، وهو جار على قول من فسر النازعات بالنجوم، ) وسبحا ( مصدر مؤكد لإِفادة التحقيق مع التوسل إلى تنوينه للتعظيم، وعطف ) فالسابقات ( بالفاء يؤذن بأن هذه الصفة متفرعة عن التي قبلها لأنهم يعطفون بالفاء الصفات التي شأنها أن يتفرع بعضها عن بعض كما تقدم في قوله تعالى :( والصافات صفاً فالزاجرات زجراً فالتاليات ذكرا ( ( الصافات : ١ ٣ ) قول ابن زيابة :
يا لهفَ زَيَّابَةَ للحارث الصّ
ابح فالغائم فالآيب
فلذلك ) فالسابقات ( هي السابقات من السابحات.
والسبق : تجاوز السائر من يَسير معه ووصوله إلى المكان المسير إليه قبله. ويطلق السبق على سرعة الوصول من دون وجود سائر مع السابق قال تعالى :( فاستبقوا الخيرات ( ( البقرة : ١٤٨ ) وقال :( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ( ( المؤمنون : ٦١ ).
ويطلق السبق على الغلب والقهر، ومنه قوله تعالى :( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ( ( العنكبوت : ٤ ) وقول مُرة بن عداء الفقعسي :
كأنكَ لم تُسْبَق من الدهر ليلةً
إذا أنتَ أدْرَكت الذي كنتَ تطلُب
فقولُه تعالى :( فالسابقات سبقاً ( يصلح للحمل على هذه المعاني على اختلاف محامل وصف السابحات بما يناسب كل احتمال على حِيالِه بأن يراد السائرات سيراً سريعاً فيما تعلمه، أو المبادرات. وإذا كان ) السابحات ( بمعنى الخيل كان ) السابقات ( إن حمل على معنى المسرعات كناية عن عدم مبالاة الفرسان بعدوّهم وحرصهم على الوصول إلى أرض العدوّ، أو على معنى غلبهم أعداءهم.
وأكد بالمصدر المرادف لمعناه وهو ) سبقا ( للتأكيد ولدلالة التنكير على عظم ذلك السبق.
و ) المدبرات ( : الموصوفةُ بالتدبير.


الصفحة التالية
Icon