" صفحة رقم ٦٧ "
والرجف : الاضطراب والاهتزاز وفعله من باب نصَر. وظاهر كلام أهل اللغة أنه فعل قاصر ولم أر من قال : إنه يستعمل متعدياً، فلذلك يجوز أن يكون إسناد ) ترجف ( إلى ) الراجفة ( حقيقياً، فالمراد ب ) الراجفة ( : الأرض لأنها تضطّرب وتهتزّ بالزلازل التي تحصل عند فناء العالم الدنيوي والمصير إلى العالم الأخروي قال تعالى :( يوم ترجف الأرض والجبال ( ( المزمل : ١٤ ) وقال :( إذا رجت الأرض رجاً ( ( الواقعة : ٤ ) وتأنيث ) الراجفة ( لأنها الأرض، وحينئذ فمعنى ) تتبعها الرادفة ( أن رجفة أخرى تتبع الرجفة السابقة لأن صفة ) الراجفة ( تقتضي وقوع رجفة، فالرادفة رجفة ثانية تتبع الرجفة الأولى.
ويجوز أن يكون إسناد ) ترجف ( إلى ) الراجفة ( مجازاً عقلياً، أطلق ) الراجفة ( على سبب الرجف.
فالمراد ب ) الراجفة ( الصيحة والزلزلة التي ترجف الأرض بسببها جعلت هي الراجفة مبالغة كقولهم : عيشة راضية، وهذا هو المناسب لقوله :( تتبعها الرادفة ( أي تتبع تلك الراجفة، أي مسبّبة الرجف رادفة، أي واقعة بعدها.
ويجوز أن يكون الرجف مستعاراً لشدة الصوت فشبه الصوت الشديد بالرجف وهو التزلزل.
وتأنيث ) الراجفة ( على هذا لتأويلها بالواقعة أو الحادثة.
و ) تتبعها الرادفة ( : التالية، يقال : ردف بمعنى تبع، والرديف : التابع لغيره، قال تعالى :( أني معدكم بألف من الملائكة مردفين ( ( الأنفال : ٩ )، أي تتبع الرجفة الأولى، ثانية، فالمراد : رادفة من جنسها وهما النفختان اللتان في قوله تعالى :( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللَّه ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ( ( الزمر : ٦٨ ).
وجملة ) تتبعها الرادفة ( حال من ) الراجفة ).
وتنكير ) قلوب ( للتكثير، أي قلوب كثيرة ولذلك وقع مبتدأ وهو نكرة لإِرادة النوعية.


الصفحة التالية
Icon