" صفحة رقم ٧٧ "
والزكاة : الزيادة، وتطلق على الزيادة في الخير النفساني قال تعالى :( قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ( ( الشمس : ٩، ١٠ ) وهو مجاز شائع ساوى الحقيقة ولذلك لا يحتاج إلى قرينة.
والمعنى : حَثُّهُ على أن يستعد لتخليص نفسه من العقيدة الضالة التي هي خبث مجازي في النفس فيقبَلَ إرشاد من يرشده إلى ما به زيادة الخير فإن فعل المطاوعة يؤذن بفعل فَاعِل يعالج نفسه ويروضها إذ كان لم يهتد أن يزكي نفسه بنفسه.
ولذلك أعقبه بعطف ) وأهديك إلى ربك فتخشى ( أي إن كان فيك إعداد نفسك للتزكية يكن إرشادي إياك فتخشى، فكان ترتيب الجمل في الذكر مراعىً فيه ترتبها في الحصول فلذلك لم يحتج إلى عطفه بفاء التفريع، إذ كثيراً ما يستغنى بالعطف بالواو مع إرادة الترتيب عن العطف بحرف الترتيب لأن الواو تفيد الترتيب بالقرينة، ويستغنى بالعطف عن ذكر حرف التفسير في العطف التفسيري الذي يكون الواو فيه بمعنى ( أي ) التفسيرية فإنَّ ) أن تزكى وأهديك ( في قوة المفرد. والتقدير : هل لك في التزكية وهدايتي إياك فخشيتك الله تعالى.
والهداية الدلالة علء الطريق الموصل إلى المطلوب إذا قبلها المَهْدي.
وتفريع ) فتخشى ( على ) أهديك ( إشارة إلى أن خشية الله لا تكون إلا بالمعرفة قال تعالى :( إنما يخشى اللَّه من عبادة العلماء ( ( فاطر : ٢٨ )، أي العلماء به، أي يخشاه خشية كاملة لا خطأ فيها ولا تقصير.
قال الطيبي : وعن الواسطي : أوائل العلم الخشية، ثم الإِجلال، ثم التعظيم، ثم الهيبة، ثم الفناء.
وفي الاقتصار على ذكر الخشية إيجاز بليغ لأن الخشية ملاك كل خير. وفي ( جامع الترمذي ) عن أبي هريرة قال :( سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول من خَافَ أدْلَج ومن أَدْلَج بلغ المنزل ).


الصفحة التالية
Icon