" صفحة رقم ٨٣ "
وتأكيد الخبر ب ) إنَّ ( ولام الابتداء لتنزيل السامعين الذين سيقت لهم القصة منزلة من ينكر ما فيها من المواعظ لعدم جريهم على الاعتبار والاتعاظ بما فيها من المواعظ.
( ٢٧ ٢٩ )
انتقال من الاعتبار بأمثالهم من الأمم الذي هو تخويف وتهديد على تكذيبهم الرسول ( ﷺ ) إلى إبطال شبهتهم على نفي البعث وهي قوله :( أينا لمردودون في الحافرة ( ( النازعات : ١٠ ) وما أعقبوه به من التهكم المبني على توهم إحالة البعث. وإذ قد فرضوا استحالة عود الحياة إلى الأجسام البالية إذ مثلوها بأجساد أنفسهم إذ قالوا :( أينا لمردودون ( ( النازعات : ١٠ ) جاء إبطال شبهتهم بقياس خلق أجسادهم على خلق السماوات والأرض فقيل لهم :( أأنتم أشد خلقاً أم السماء (، فلذلك قيل لهم هنا أأنتم بضميرهم ولم يقل : آالإِنسان أشدّ خلقاً، وما هم إلا من الإِنسان، فالخطاب موجه إلى المشركين الذين عبر عنهم آنفاً بضمائر الغيبة من قوله :( يقولون ( إلى قوله :( فإذا هم بالساهرة ( ( النازعات : ١٠ ١٤ )، وهو التفات من الغيبة إلى الخطاب.
فالجملة مستأنفة لقصد الجواب عن شبهتهم لأن حكاية شبهتهم ب ) يقولون أينا ( إلى آخره، تقتضي ترقب جواب عن ذلك القول كما تقدم الإِيماء إليه عند قوله :( يقولون أينا لمردودون ( ( النازعات : ١٠ ).
والاستفهام تقريري، والمقصود من التقرير إلجاؤهم إلى الإِقرار بأنّ خلق السماء أعظم من خلقهم، أي مِن خلق نوعهم وهو نوع الإِنسان وهم يعلمون أن الله هو خالق السماء فلا جرم أن الذي قدر على خلق السماء قادر على خلق الإِنسان مرة ثانية، فينتج ذلك أن إعادة خلق الأجساد بعد فنائها مقدورة لله تعالى لأنه قدَر على ما هو أعظم من ذلك قال تعالى :( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( ( غافر : ٥٧ )، ذلك أن نظرهم العقلي غيَّمت عليه العادة فجعلوا ما لم يألفوه مُحالاً، ولم يلتفتوا إلى إمكان ما هو أعظم مما أحالوه بالضرورة.


الصفحة التالية
Icon