" صفحة رقم ٨٦ "
وإنما جعل إظهار النور إخراجاً لأن النور طارىء بعد الظلمة، إذ الظلمة عَدَم وهو أسبق، والنور محتاج إلى السبب الذي ينيره.
وإضافة ( ليل ) و ( ضحى ) إلى ضمير ) السماء ( إن كان السماء الدنيا فلأنهما يلوحان للناس في جوّ السماء فيلوح الضحى أشعة منتشرة من السماء صادرة من جهة مطلع الشمس فتقع الأشعة على وجه الأرض ثم إذا انحجبت الشمس بدورة الأرض في اليوم والليلة أخذ الظلام يحلّ محلّ ما يتقلص من شعاع الشمس في الأفق إلى أن يصير ليلاً حالكاً محيطاً بقسم من الكرة الأرضية.
وإن كان السماء جنساً للسماوات فإضافة ليل وضحى إلى السماوات لأنهما يلوحان في جهاتها.
( ٣٠ ٣٢ ) ) لله (
وانتقل الكلام من الاستدلال بخلق السماء إلى الاستدلال بخلق الأرض لأن الأرض أقرب إلى مشاهدتهم وما يوجد على الأرض أقرب إلى علمهم بالتفصيل أو الإِجمال القريب من التفصيل.
ولأجل الاهتمام بدلالة خلق الأرض وما تحتوي عليه قُدم اسم ) الأرض ( على فعله وفاعِله فانتصب على طريقة الاشتغال، والاشتغال يتضمن تأكيداً باعتبار الفعل المقدر العامل في المشتغل عنه الدال عليه الفعلُ الظاهر المشتغل بضمير الاسم المقدم.
والدَّحْو والدَّحْيُ يقال : دحَوْت ودحيت. واقتصر الجوهري على الواوي وهو الجاري في كلام المفسرين هو : البسط والمدّ بتسوية.
والمعنى : خلقها مدحوَّة، أي مبسوطة مسوّاة.
والإِشارة من قوله :( بعد ذلك ( إلى ما يفهم من ) بناها رفع سمكها فسواها ( ( النازعات : ٢٧، ٢٨ )، أي بعد خلق السماء خلق الأرض مدحوَّة.


الصفحة التالية
Icon