" صفحة رقم ٩٥ "
وحكي فعل السؤال بصيغة المضارع للدلالة على تجدد هذا السؤال وتكرره.
والساعة : هي الطامة فذكر الساعة إظهار في مقام الإِضمار لقصد استقلال الجملة بمدلولها مع تفنن في التعبير عنها بهذين الاسمين ) الطامة ( ( النازعات : ٣٤ ) و ) الساعة ).
و ) أيان مرساها ( جملة مبينة للسؤال.
و ) أيّان ( اسم يستفهم به عن تعيين الوقت.
والاستفهام مستعمل في الاستبعاد كنايةً وهو أيضاً كناية عن الاستحالة و ) مرساها ( مصدر ميمي لفعل أرسى، والإِرساء : جعل السفينة عند الشاطىء لقصد النزول منها. واستعير الإِرساء للوقوع والحصول تشبيهاً للأمر المغيَّب حصوله بسفينة ماخرة البحر لا يُعرف وصولها إلا إذا رسَتْ، وعليه ف ) أيّان ( ترشيح للاستعارة، وتقدم نظير هذه في سورة الأعراف.
وقوله :( فيم أنت من ذكراها ( واقع موقع الجواب عن سؤالهم عن الساعة باعتبار ما يظهر من حال سؤالهم عن الساعة من إرادة تعيين وقتها وصرف النظر عن إرادتهم به الاستهزاء، فهذا الجواب من تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، وهو من تلقي السائل بغير ما يتطلب تنبيهاً له على أن الأولى به أن يهتم بغير ذلك، وهو مضمون قوله :( إنما أنت منذر من يخشاها ). وهذا ما يسمى بالأسلوب الحكيم، ونظيره ما روي في الصحيح أن رجلاً سأل النبي ( ﷺ ) عن الساعة فقال له :( ماذا أعْدَدْتَ لها ؟ )، أي كان الأولى لك أن تصرف عنايتك إلى الاستكثار من الحسنات إعداداً ليوم الساعة.
والخطاب وإن كان موجهاً إلى النبي ( ﷺ ) فالمقصود بلوغه إلى مسامع المشركين فلذلك اعتبر اعتبارَ جواب عن كلامهم وذلك مقتضى فصل الجملة عن التي قبلها شأن الجواب والسؤال.
و ( ما ) في قوله :( فيم ( اسم استفهام بمعنى : أي شيء ؟ مستعملة في التعجيب من سؤال السائلين عنها ثم توبيخهم. و ( في ) للظرفية المجازية بجعل المشركين في إحفائهم بالسؤال عن وقت الساعة كأنهم جعلوا النبي ( ﷺ ) محوطاً


الصفحة التالية
Icon