" صفحة رقم ٢٢٤ "
ومعنى ) ما طاب ( ما حسن بدليل قوله :( لكم ( ويفهم منه أنّه ممّا حلّ لكم لأن الكلام في سياق التشريع.
وما صَدْقُ ) ما طاب ( النساء فكان الشأن أن يؤتى ب ( مَن ) الموصولة لكن جيء ب ( ما ) الغالبة في غير العقلاء، لأنّها نُحِي بها مَنْحى الصفة وهو الطيّب بِلا تعيين ذات، ولو قال ( مَنْ ) لتبادر إلى إرادة نسوة طيّبات معروفات بينهم، وكذلك حال ( ما ) في الاستفهام، كما قال صاحب ( الكشاف ) وصاحب ( المفتاح ). فإذا قلت : ما تزوجت ؟ فأنت تريد ما صفتها أبكرا أم ثيّباً مثلاً، وإذا قلت : مَن تزوجت ؟ فأنت تريد تعيين اسمها ونسبها.
والآية ليست هي المثبتة لمشروعية النكاح، لأنّ الأمر فيها معلّق على حالة الخوف من الجور في اليتامى، فالظاهر أنّ الأمر فيها للإرشاد، وأنّ النكاح شرع بالتقرير للإباحة الأصلية لما عليه الناس قبل الإسلام مع إبطال ما لا يرضاه الدين كالزيادة على الأربع، وكنكاح المقت، والمحرّمات من الرضاعة، والأمر بأن لا يُخْلوه عن الصداق، ونحو ذلك.
وقوله :( مثنى وثلاث ورباع ( أحوال من ) طاب ( ولا يجوز كونها أحوالاً من النساء لأنّ النساء أريد به الجنس كلّه لأن ( مِنْ ) إمَّا تبعيضية أو بيانية وكلاهما تقتضي بقاء البيان على عمومه، ليصلح للتبعيض وشبهه، والمعنى : أنّ الله وسّع عليكم فلكم في نكاح غير أولئك اليتامى مندوحة عن نكاحهنّ مع الإضرار بهنّ في الصداق، وفي هذا إدماج لحكم شرعي آخر في خلال حكم القسط لليتامى إلى قوله :( ذلك أدنى ألا تعولوا ).
وصيغة مَفْعَل وفُعَال في أسماء الأعداد من واحد إلى أربعة، وقيل إلى ستة وقيل إلى عشرة، وهو الأصح، وهو مذهب الكوفيّين، وصحّحه المعرّي في ( شرح ديوان المتنبيّ ) عند قول أبي الطّيب :
أُحَاد أم سُدَاسٌ في آحاد
لُيَبْلَتُنَا المَنوطةُ بالتنادي


الصفحة التالية
Icon