" صفحة رقم ٢٢٩ "
يقلل النفقة ويقلّل النسل فيُبقي عليه مالَه، ويدفع عنه الحاجة، إلاّ أنّ هذا الوجه لا يلائم قوله :( أو ما ملكت أيمانكم ( لأنّ تعدّد الإماء يفضي إلى كثرة العيال في النفقة عليهنّ وعلى ما يتناسل منهنّ، ولذلك ردّ جماعة على الشافعي هذا الوجه بين مُفرط ومقتصد.
وقد أغلظ في الردّ أبو بكر الجصّاص في أحكامه حتّى زعم أنّ هذا غلط في اللغة، اشتبه به عال يَعيل بعال يَعُول. واقتصد ابن العربي في ردّ هذا القول في كتاب الأحكام. وانتصر صاحب ( الكشاف ) للشافعي، وأُورد عليهم أنّ ذلك لا يلاقي قوله تعالى :( أو ما ملكت أيمانكم ( فإن تعدّد الجواري مثل تَعدّد الحرائر فلا مفرّ من الإعالة على هذا التفسير. وأجيب عنه بجواب فيه تكلّف.
وحكم هذه الآية ممّا أشار إليه قوله :( وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ( ( النساء : ١ ).
٤ ) ) وَءَاتُواْ النِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً ).
جانبان مُسْتَضْعَفَان في الجاهلية : اليتيم، والمرأة. وحقّان مغبون فيهما أصحابهما : مال الأيتام، ومال النساء، فلذلك حرسهما القرآن أشدّ الحراسة فابتدأ بالوصاية بحق مال اليتيم، وثنّى بالوصاية بحقّ المرأة في مال ينجرّ إليها لا محالة، وكان توسّط حكم النكاح بين الوصايتين أحسن مناسبة تهَيّىء لعطف هذا الكلام.
فقوله :( وآتوا النساء ( عطف على قوله :( وآتوا اليتامى أموالهم ( ( النساء : ٢ ) والقول في معنى الإيتاء فيه سواء. وزاده اتّصالاً بالكلام السابق أنّ ما قبله جرى على وجوب القسط في يتامى النساء، فكان ذلك مناسبة الانتقال. والمخاطَب بالأمر في أمثال هذا كلّ من له نصيب في العمل بذلك، فهو خطاب لعموم الأمّة على معنى تناوله لكلّ من له فيه يد من الأزواج والأولياء ثم ولاة الأمور الذين إليهم المرجع في الضرب على أيدي ظلمة الحقوق أربابَها. والمقصود بالخطاب ابتداء هم الأزواج،


الصفحة التالية
Icon