" صفحة رقم ٢٤٦ "
وهذا كله بناء على أنّ الآية محكمة. ومن العلماء من قال : هي منسوخة بقوله تعالى :( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً ( ( النساء : ١٠ ) الآية، وقوله :( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ( ( البقرة : ١٨٨ ) وإليه مال أبو يوسف، وهو قول مجاهد، وزيد بن أسلم.
ومن العلماء من سلك بالآية مسلك التأويل فقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن : المراد فمن كان غنياً أي من اليتامى، ومن كان فقيراً كذلك، وهي بيان لكيفية الإنفاق على اليتامى فالغنيّ يعطى كفايته، والفقير يعطى بالمعروف، وهو بعيد، فإنّ فعل ( استعفف : يدلّ على الاقتصاد والتعفّف عن المسألة.
وقال النخعي، وروي عن ابن عباس : من كان من الأوصياء غنيّا فليستعفف بماله ولا يتوسّع بمال محجوره ومن كان فقيراً فإنّه يقتّر على نفسه لئلا يمدّ يده إلى مال يتيمه. واستحسنه النحاس والكِيَا الطبري في أحكام القرآن.
تفريع عن قوله فادفعوا إليهم أموالهم فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ( وهو أمر بالإشهاد عند الدفع، ليظهر جليّا ما يسلمه الأوصياء لمحاجيرهم، حتى يمكن الرجوع عليهم يوماً ما بما يطّلع عليه ممّا تخلّف عند الأوصياء، وفيه براءة للأوصياء أيضاً من دعاوي المحاجير من بعدُ. وحسبك بهذا التشريع قعطا للخصومات.
والأمر هنا يحتمل الوجوب ويحتمل الندب، وبكلّ قالت طائفة من العلماء لم يسمّ أصحابها : فإن لوحظ ما فيه من الاحتياط لحقّ الوصيّ كان الإشهاد مندوباً