" صفحة رقم ٢٦٧ "
يوصيكم الله بذلك وصيّة منه فهو ختم للأحكام بمثل ما بدئت بقوله :( يوصيكم الله ( ( النساء : ١١ ) وهذا من ردّ العجز على الصدر.
وقوله :( والله عليم حليم ( تذييل، وذكر وصف العلم والحلم هنا لمناسبة أنّ الأحكام المتقدّمة إبطال لكثير من أحكام الجاهلية، وقد كانوا شرعوا مواريثهم تشريعاً مثاره الجهل والقساوة. فإنّ حرمان البنت والأخ للأمّ من الإرث جهل بأنّ صلة النسبة من جانب الأمّ مماثلة لصلة نسبة جانب الأب. فهذا ونحوه جهل، وحرمانهم الصغار من الميراث قساوة منهم.
وقد بيّنت الآيات في هذه السورة الميراث وأنصباءه بين أهل أصول النسب وفروعه وأطرافه وعصمة الزوجية، وسكتت عمّا عدا ذلك من العصبة وذوي الأرحام وموالي العتاقة وموالي الحلف، وقد أشار قوله تعالى :( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله في سورة الأنفال ( ٧٥ ) وقوله : وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله في سورة الأحزاب ( ٦ ) إلى ما أخذ منه كثير من الفقهاء توريث ذوي الأرحام. وأشار قوله الآتي قريباًولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ( ( النساء : ٣٣ ) إلى ما يؤخذ منه التوريث بالولاء على الإجمال كما سنبيّنه، وبَيَّن النبي ( ﷺ ) توريث العصبة بما رواه رواة أهل الصحيح عن ابن عباس أنّ النبي ( ﷺ ) قال :( ألحِقُوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأوْلى رَجُللٍ ذَكَر ) وما رواه الخمسة غير النسائي عن أبي هريرة : أنّ النبي ( ﷺ ) قال :( أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات وترك مالا فماله لمَوالي العصبة ومن ترك كَلا أو ضَياعا فأنا وليّه ) وسنفصّل القول في ذلك في مواضعه المذكورة.
، ١٤ ) ) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَرُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ).