" صفحة رقم ٢٨٣ "
حالة ادّعاء المشارك فيه، ومنه ( يرث الأرض ومَن عليها )، وهو فعل متعدّ إلى واحد يتعدّى إلى المتاع الموروث، فتقول : ورثت مال فلان، وقد يتعدى إلى ذات الشخص الموروث، يقال : ورث فلان أباه، قال تعالى :( فهب لي من لدنك وليا يرثني ( ( مريم : ٦ ) وهذا هو الغالب فيه إذا تعدّى إلى ما ليس بمال.
فتعدية فعل ) أن ترثوا ( إلى ) النساء ( من استعماله الأوّل : بتنزيل النساء منزلة الأموال الموروثة، لإفادة تبشيع الحالة التي كانوا عليها في الجاهلية. أخرج البخاري، عن ابن عباس، قال :( كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحقّ بامرأته إن شاء بعضهم تزوّجها، وإن شاءوا زوّجوها، وإن شاءوا لم يزوجوّها، فهم أحقّ بها من أهلها فنزلت هذه الآية ) وعن مجاهد، والسدّي، والزهري كان الابن الأكبر أحقّ بزوج أبيه إذا لم تكن أمّه، فإن لم يكن أبناء فوليّ الميّت إذا سبق فألقى على امرأة الميّت ثوبه فهو أحقّ بها، وإن سبقته فذهبت إلى أهلها كانت أحقّ بنفسها. وكان من أشهر ما وقع من ذلك في الجاهلية أنّه لمّا مات أمية بن عبد شمس وترك امرأته ولها أولاد منه : العيص، وأبو العيص، والعاص، وأبو العاص، وله أولاد من غيرها منهم أبو عمرو بن أمية فخلف أبو عمرو على امرأة أبيه، فولدت له : مُسافراً، وأبا معيط، فكان الأعياص أعماماً لمسافر وأبي معيط وأخوتهما من الأمّ ).
وقد قيل : نزلت الآية لمّا توفّي أبو قيس بن الأسلت رام ابنه أن يتزوّج امرأته كبشة بنت معن الأنصارية، فنزلت هذه الآية. قال ابن عطية : وكانت هذه السيرة لازمة في الأنصار، وكانت في قريش مباحة مع التراضي. وعلى هذا التفسير يكون قوله ) كرهاً ( حالا من النساء، أي كارهات غير راضيات، حتّى يرضين بأن يكنّ أزواجاً لمن يرضينه، مع مراعاة شروط النكاح، والخطاب على هذا الوجه لورثة الميّت.
وقد تكرّر هذا الإكراه بعوائدهم التي تمالؤوا عليها، بحيث لو رامت المرأة المحيد عنها، لأصبحت سبّة لها، ولما وجدت من ينصرها، وعلى هذا فالمراد بالنساء الأزواج، أي أزواج الأموات.
ويجوز أن يكون فعل ( ترثوا ) مستعملا في حقيقته ومتعدّيا إلى الموروث فيفيد