" صفحة رقم ٢٩٤ "
أسلوب النهي فيه لأنّ ( لا تفعل ) نهي عن المضارع الدالّ على زمن الحال فيؤذن بالتلبّس بالمنهي، أو إمكان التلبّس به، بخلاف ) حرمت ( فيدلّ على أنّ تحريمه أمر مقرّر، ولذلك قال ابن عباس :( كان أهل الجاهلية يحرّمون ما يحرّم الإسلام إلا امرأة الأب والجمعَ بين الأختين ) فمن أجل هذا أيضاً نجد حكم الجمع بين الأختين عُبّر فيه بلفظ الفعل المضارع فقيل :( وأن تجمعوا بين الأختين ).
وتعلُّقُ التحريم بأسماء الذوات يُحمل على تحريم ما يُقصد من تلك الذات غالباً فنحو ) حرمت عليكم الميتة ( إلخ معناه حُرّم أكلها، ونحو : حرّم الله الخمر، أي شربها، وفي ) حرمت عليكم أمهاتكم ( معناه تزوجهنّ.
والأمّهات جمع أُمَّةٍ أو أُمَّهةٍ، والعرب أماتوا أمَّهة وأمَّه وأبقوا جمعه، كما أبْقوا أُمّ وأماتوا جمعه، فلم يسمع منهم الأمَّات، وورد أُمَّة نادراً في قول شاعر أنشده ابن كيسان :
تقبلتَها عن أمَّةٍ لكَ طَالما
تُنوزعَ في الأسواق منها خمارُها
وورد أمهة نادراً في بيت يُعزى إلى قصي بن كلاب :
عند تناديهم بهَاللٍ وهَبي
أمَّهَتي خِندفُ وإليَاسُ أبي
وجاء في الجمع أمَّهات بكثرة، وجاء أمَّات قليلاً في قول جرير :
لقد ولدَ الأخيطلَ أمُّ سوء
مقلَّدة من الأمَّات عارا
وقيل : إنّ أمَّات خاصّ بما لا يعقل، قال الراعي :
كانت نَجَائبُ مُنْذِر ومُحَرّق
أمَّاتهنّ وطرقُهُنّ فَحيلا
فيحتمل أنّ أصل أم أمَّا أو أمَّها فوقع فيه الحذف ثمّ أرجعوها في الجمع.


الصفحة التالية
Icon