" صفحة رقم ٣٠٠ "
يوجّهوا مذهبهم بعلّة بيّنة، ولا أن يستظهروا عليه بأثر. وعلّة تحريم المرأة على زوج ابنتها تساوي علّة تحريم ربيبة الرجل عليه، ويظهر أنّ الله ذكر أمّهات النساء قبل أن يذكر الربائب، فلو أراد اشتراط الدخول بالأمّهات في تحريمهنّ على أزواج بناتهنّ لذكره في أوّل الكلام قبل أن يذكره مع الربائب.
وهنالك رواية عن زيد بن ثابت أنّه قال : إذا طلّق الأمّ قبل البناء فله التزوّج بابنتها، وإذا ماتت حَرُمت عليه ابنتُها. وكأنّه نظر إلى أنّ الطلاق عدول عن العقد، والموت أمر قاهر، فكأنّه كان ناوياً الدخول بها، ولا حظّ لهذا القول.
وقوله :( وحلائل أبنائكم ( الحلائل جمع الحليلة فعيلة بمعنى فاعلة، وهي الزوجة، لأنّها تحِلّ معه، وقال الزجّاج : هي فعيلة بمعنى مفعولة، أي محلّلة إذ أباحها أهلها له، فيكون من مجيء فعيل للمفعول من الرباعي في قولهم حكيم، والعدول عن أن يقال : ومَا نكح أبناؤكم أو ونساء أبنائكم إلى قوله :( وحلائل أبنائكم ( تفنّن لتجنّب تكرير أحد اللفظين السابقين وإلاّ فلا فرق في الإطلاق بين الألفاظ الثلاثة.
وقد سُمي الزوج أيضاً بالحليل وهو يحتمل الوجهين كذلك. وتحريم حليلة الابن واضح العلّة، كتحريم حليلة الأب.
وقوله :( الذين من أصلابكم ( تأكيد لمعنى الأبناء لدفع احتمال المجاز، إذ كانت العرب تسمّي المتبنَّى ابناً، وتجعل له ما للابن، حتّى أبطل الإسلام ذلك وقوله تعالى :( ادعوهم لآبائهم ( ( الأحزاب : ٥ ) فما دُعي أحد لمتبنّيه بعدُ، إلاّ المقداد بن الأسود وعُدّت خصوصيّة. وأكّد الله ذلك بالتشريع الفعلي بالإذن لرسوله ( ﷺ ) بتزوّج زينب ابنة جحش، بعد أن طلّقها زيد بن حارثة الذي كان تبنّاه، وكان يُدعى زيد بن محمد. وابن الابن وابن البنت، وإن سفلا، أبناء من الأصلاب لأنّ للجدّ عليهم ولادة لا محالة.
وقوله :( وأن تجمعوا بين الأختين ( هذا تحريم للجمع بين الأختين فحكمته دفع الغيرة عمّن يريد الشرع بقاء تمام المودّة بينهما، وقد علم أنّ


الصفحة التالية
Icon