" صفحة رقم ١٣٩ "
والأمر بالتقوى عقب ذلك لأنّها أظهر للشكر، فعطف الأمر بالتَّقوى بالواو للدلالة على أنّ التّقوى مقصودة لذاتها، وأنّها شكر لله بدلالة وقوع الأمر عقب التذكير بنعمة عظمى.
وقوله :( وعلى الله فليتوكّل المؤمنون ( أمر لهم بالاعتماد على الله دون غيره. وذلك التّوكل يعتمد امتثال الأوامر واجتناب المنهيات فناسب التّقوى. وكان من مظاهره تلك النّعمة الّتي ذُكّروا بها.
) ) وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِى
إِسْرَاءِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّى مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلواةَ وَءَاتَيْتُمْ الزَّكَواةَ وَءَامَنتُمْ بِرُسُلِى وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلاَُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذاَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ ).
ناسب ذكرُ ميثاق بني إسرائيل عقب ذكر ميثاق المسلمين من قوله :( وميثاقه الّذي واثقكم به ( ( المائدة : ٧ ) تحذيراً من أن يكون ميثاقنا كميثاقهم. ومحلّ الموعظة هو قوله :( فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل ). وهكذا شأن القرآن في التفنّن ومجيء الإرشاد في قالب القصص، والتنقّل من أسلوب إلى إسلوب.
وتأكيد الخبر الفعلي بقَد وباللام للاهتمام به، كما يجيء التأكيد بإنّ للاهتمام وليس ثَمّ متردّد ولا مُنزّل منزلتَه. وذكر مواثيق بني إسرائيل تقدّم في سورة البقرة.
والبعث أصله التوجيه والإرسال، ويطلق مجازاً على الإقامة والإنهاض