" صفحة رقم ١٤٥ "
والخائنة : الخيانة فهو مصدر على وزن الفاعلة، كالعاقبة، والطاغية. ومنه ) يعلم خائنة الأعين ( ( غافر : ١٩ ). وأصْل الخيانة : عدم الوفاء بالعهد، ولعلّ أصلها إظهار خلاف الباطن. وقيل :( خائنة ( صفة لمحذوف، أي فرقة خائنة.
واستثنى قليلاً منهم جُبلوا على الوفاء، وقد نقض يهود المدينة عهدهم مع رسول الله والمسلمين فظاهروا المشركين في وقعة الأحزاب، قال تعالى :( وأنزَل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم ( ( الأحزاب : ٢٦ ). وأمْره بالعفو عنهم والصفح حمل على مكارم الأخلاق، وذلك فيما يرجع إلى سوء معاملتهم للنّبيء ( ﷺ ) وليس المقام مقام ذكر المناواة القومية أو الدّينية، فلا يعارض هذا قوله في براءة ) قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ( ( التوبة : ٢٩ ) لأنّ تلك أحكام التصرّفات العامّة، فلا حاجة إلى القول بأنّ هذه الآية نسخت بآية براءة.
) ) وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ).
ذكر بعد ميثاق اليهود ميثاق النصارى. وجاءت الجملة على سبه اشتغال العامل عن المعمول بضميره حيث قُدّم متعلِّق ) أخَذْنا ميثاقهم ( وفيه اسْم ظاهر، وجيء بضميره مع العامل للنكتة الداعية للاشتغال من تقرير المتعلِّق وتثبيته في الذهن إذ يتعلّق الحكم باسمه الظاهر وبضميره، فالتقدير : وأخذنا، من الذين قالوا : إنّا نصارى، ميثاقهم، وليس تقديم المجرور بالحرف لقصد الحصر. وقيل : ضمير ) ميثاقهم ( عائد إلى اليهود، والإضافة على معنى التشبيه، أي من النصارى أخذنا ميثاقَ اليهود، أي مثلَه، فهو تشبيه بليغ حذفت الأداة


الصفحة التالية
Icon