" صفحة رقم ٨٢ "
والشهر الحرام من الشعائر الزمانية، والهدي والقلائد من الشعائر الذوات. فعطف الشهر الحرام والهدي وما بعدهما من شعائر الله عطف الجزئيّ على كلّيّة للاهتمام به، والمراد به جنس الشهر الحرام، لأنَّه في سياق النفي، أي الأشهر الحرم الأربعة التي في قوله تعالى :( منها أربعة حُرُم... فلا تظلموا فيهنّ أنفسكم ( ( التوبة : ٣٦ ). فالتعريف تعريف الجنس، وهو كالنكرة يستوي فيه المفرد والجمع. وقال ابن عطيّة : الأظهر أنّه أريد رجب خاصّة ليشتدّ أمر تحريمه إذ كانت العرب غير مجمعة عليه، فإنَّما خُصّ بالنهي عن إحلاله إذ لم يكن جميع العرب يحرّمونه، فلذلك كان يعرف برَجب مضر ؛ فلم تكن ربيعة ولا إياد ولا أنمار يحرّمونه. وكان يقال له : شهر بني أميّة أيضاً، لأنّ قريشاً حرّموه قبل جميع العرب فتبعتهم مضر كلّها لقول عوف بن الأحوص :
وشهرِ بني أميّة والهَدايا
إذا حبست مُضرّجُها الدقاء
وعلى هذا يكون التعريف للعهد فلا يعمّ. والأظهر أنّ التعريف للجنس، كما قدّمناه.
والهدي : هو ما يهدى إلى مناسك الحجّ لينحر في المنحر من مِنى، أو بالمروة، من الأنعام.
والقلائد : جمع قِلادة وهي ظفائر من صوف أو وَبَر، يربط فيها نعلان أو قطعة من لِحَاءِ الشجر، أي قِشره، وتوضع في أعناق الهدايا مشبَّهة بقلائد النساء، والمقصود منها أن يُعرف الهدي فلا يُتَعرّض له بغارة أو نحوها. وقد كان بعض العرب إذا تأخّر في مكة حتّى خرجت الأشهر الحُرُم، وأراد أن يرجع إلى وطنه، وضع في عنقه قلادة من لحاء شجر الحرم فلا يُتَعرّضُ له بسوء.
ووجه عطف القلائد على الهدي المبالغة في احترامه بحيث يحرم الاعتداء على قلادته بله ذاته، وهذا كقول أبي بكر : والله لو منعوني عِقالاً