" صفحة رقم ٨٤ "
ليسَ براعِي إبِللٍ ولا غَنَم
ولا بَجَزّار على ظَهْر وَضَم
بَاتوا نِيَاماً وابنُ هِنْد لم ينمْ
باتَ يُقَاسِيها غُلام كالزّلَم
خَدَلَّجُ الساقَيْننِ خَفَّاقُ القَدَم
ثم أقبل الحُطم في العام القابل وهو عام القَضية فسمعوا تلبيَة حُجَّاج اليمامة فقالوا : هذا الحُطَم وأصحابه ومعهم هَدْي هو ممَّا نهبه من إبل المسلمين، فاستأذنوا رسول الله في نَهبهم، فنزلت الآية في النهي عن ذلك. فهي حكم عامّ نزل بعد تلك القضية، وكان النهي عن التعرّض لبُدْن الحُطم مشمولاً لما اشتملت عليه هذه الآية.
والبيت الحرام هو الكعبة. وسيأتي بيان وصفه بهذا الوصف عند قوله : جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس ( ( المائدة : ٩٧ ) في هذه السورة. وجملة ) يبتغون فضلاً من ربّهم ( صفة ل ) آمِّين ( من قصدهم ابتغاء فضل الله ورضوانه وهم الذين جاءوا لأجل الحجّ إيماء إلى سبب حرمة آمِّي البيت الحرام.
وقد نهى الله عن التعرّض للحجيج بسوء لأنّ الحجّ ابتغاء فضل الله ورضوانه، وقد كان أهل الجاهلية يقصدون منه ذلك، قال النابغة :
حيّاك ربّي فإنَّا لا يَحِلّ لنا
لَهْوُ النساءِ وإنّ الدّين قد عَزَما
مشمّرين على خُوص مزمَّمة
نرجو الإله ونرجو البِرّ والطُعَما
ويتنزّهون عن فحش الكلام، قال العجّاج :
وَرَبِّ أسْراب حَجيج كُظَّم
عن اللَّغَا ورَفَث التكلّم
ويظهرون الزهد والخشوع، قال النابغة :
بمُصطحبات من لَصَاففٍ وثَبْرة
بَزُرْنَ إلالاً سَيْرُهُنّ التَّدَافُعُ
عَلَيْهِنّ شُعْث عامدون لربّهم
فهُنّ كأطراف الحَنِيّ خَوَاشِعُ


الصفحة التالية
Icon