" صفحة رقم ١٦٤ "
أن يكون الشيء مقترناً بالذي يختصّ به ونظَّر هذا بقوله تعالى :( إنّ لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى وأنَّك لا تظمأ فيها ولا تضحى ( ( طه : ١١٨، ١١٩ ). اه.
وقوله :( فهو على كلّ شيء قدير ( جعل جواباً للشرط لأنّه علّة الجواب المحذوف والجواببِ المذكور قبله، إذ التقدير : وإن يمسسك بخير فلا مانع له لأنّه على كلّ شيء قدير في الضرّ والنفع. وقد جعل هذا العموم تمهيداً لقوله بعده ) وهو القاهر فوق عباده ( ( الأنعام : ١٨ ).
) ) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ).
هذه الجملة معطوفة على جملة ) وإن يمسسك الله بضرّ ( ( الأنعام : ١٧ ) الآية، والمناسبة بينهما أنّ مضمون كلتيهما يبطل استحقاق الأصنام العبادة. فالآية الأولى أبطلت ذلك بنفي أن يكون للأصنام تصرّف في أحوال المخلوقات، وهذه الآية أبطلت أن يكون غير الله قاهراً على أحد أو خبيراً أو عالماً بإعطاء كل مخلوق ما يناسبه، ولا جرم أنّ الإله تجب له القدرة والعلم، وهما جماع صفات الكمال، كما تجب له صفات الأفعال من نفع وضرّ وإحياء وإماتة، وهي تعلّقات للقدرة أطلق عليها اسم الصفات عند غير الأشعري نظراً للعرف، وأدخلها الأشعري في صفة القدرة لأنّها تعلّقات لها، وهو التحقيق.
ولذلك تتنزّل هذه الآية من التي قبلها منزلة التعميم بعد التخصيص لأنّ التي قبلها ذكرت كمال تصرّفه في المخلوقات وجاءت به في قالب تثبيت الرسول ( ﷺ ) كما قدّمنا، وهذه الآية أوعت قدرته على كلّ شيء وعلمه بكلّ شيء، وذلك أصل جميع الفعل والصنع.
والقاهر الغالب المُكرِه الذي لا ينفلت من قدرته من عُدّي إليه فعل القهر.
وقد أفاد تعريف الجزأين القصر، أي لا قاهر إلاّ هو، لأنّ قهر الله تعالى هو القهر الحقيقي الذي لا يجد المقهور منه ملاذاً، لأنّه قهر بأسباب لا يستطيع أحد خلق ما يدافعها. وممّا يشاهد منها دوماً النوم وكذلك الموتُ. سبحان من قهر العباد بالموت.