" صفحة رقم ١٨١ "
لأنّها أفراد مقدّرة تظهر عند تكوينها إذ هي من جنس عامّ ؛ أم كان التعذّر عادة كقول النابغة :
بها كلّ ذيّال وخنساء ترعوي
إلى كلّ رَجّاف من الرّمل فارد
فإنّ العادة تحيل اجتماع جميع بقر الوحش في هذا الموضع.
فيتعذّر أن يرى القوم كلّ أفراد ما يصحّ أن يكون آية، فلذلك كان المراد ب ) كلّ ( معنى الكثرة الكثيرة، كما تقدّم في قوله تعالى :( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكلّ آية في سورة البقرة ( ١٤٥ ).
وحتى ( حرف موضوع لإفادة الغاية، أي أنّ ما بعدها غاية لما قبلها. وأصل ) حتى ( أن يكون حرف جرّ مثل ( إلى ) فيقع بعده اسم مفرد مدلوله غاية لما قبل ( حتّى ). وقد يعدل عن ذلك ويقع بعد ( حتّى ) جملة فتكون ( حتّى ) ابتدائية، أي تؤذن بابتداء كلام مضمونه غاية لكلام قبل ( حتى ). ولذلك قال ابن الحاجب في ( الكافية ) : إنّها تفيد السببية، فليس المعنى أنّ استماعهم يمتدّ إلى وقت تجيئهم ولا أنّ جعل الأكنّة على قلوبهم والوقر في آذانهم يمتدّ إلى وقت مجيئهم، بل المعنى أن يتسبّب على استماعهم بدون فهم. وجعل الوقر على آذانهم والأكنّة على قلوبهم أنّهم إذا جاءوك جادلوك.
وسمّيت ) حتى ( ابتدائية لأنّ ما بعدها في حكم كلام مستأنف استئنافاً ابتدائياً. ويأتي قريب من هذا عند قوله :( قد خسر الذين كذّبوا بلقاء الله حتّى إذا جاءتهم الساعة بغتة في هذه السورة ( ٣١ )، وزيادة تحقيق لمعنى ( حتّى ) الابتدائية عند قوله تعالى : فمن أظلم من افترى على الله كذباً إلى قوله حتى إذا جاءتهم رسلنا الخ في سورة الأعراف ( ٣٧ ).
وإذا ( شرطية ظرفية. و ) جاءوك ( شرطها، وهو العامل فيها. وجملة ) يجادلونك ( حال مقدّرة من ضمير ) جاءوك ( أي جاءوك مجادلين، أي مقدّرين المجادلة معك يظهرون لقومهم أنّهم أكفّاء لهذه المجادلة.
وجملة ) يقول ( جواب ) إذا (، وعدل عن الإضمار إلى الإظهار في قوله :( يقول