" صفحة رقم ٢٤٩ "
نياتهم وبواطنهم. والقصد من هذا تبكيتُ المشركين على طريقة إرخاء العنان، وليس المراد استضعاف يقين المؤمنين. و ) حسابهم ( على هذا الوجه من إضافة المصدر إلى مفعوله.
ويجوز أن يكون الضميران عائدين إلى غير مذكور في الكلام ولكنّه معلوم من السياق الذي أشار إليه سبب النزول، فيعود الضميران إلى المشركين الذين سألوا طَرد ضعفاء المؤمنين من مجلس النبي ( ﷺ ) فيكون ضمير ) فتطردهم ( عائداً إلى المؤمنين. ويختلف معاد الضميرين اعتماداً على ما يعيِّنه سياق الكلام، كقوله تعالى :( وعَمَرُوها أكثر ممَّا عمروها ( ( الروم : ٩ )، وقول عباس بن مرداس في وقعة حنين :
عُدْنَا ولولا نَحْنُ أحْدَقَ جَمعُهم
بالمسلمين وأَحرَزُوا ما جَمَّعُوا
أي أحرز المشركون ما جمعه المسلمون من الغنائم.
والمعنى : ما عليك من حساب المشركين على الإيمان بِك أو على عدم الإيمان شيء، فإنّ ذلك موكول إليّ فلا تظلم المؤمنين بحرمانهم حقّاً لأجل تحصيل إيمان المشركين، فيكون من باب قوله تعالى :( إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أوْلَى بهما فلا تتَّبعوا الهوى أن تعدلوا ( ( النساء : ١٣٥ ).
وعلى هذا الوجه يجوز كون إضافة ) حسابهم ( من إضافة المصدر إلى مفعوله، أي محاسبتك إيّاهم. ويجوز كونها من إضافته إلى فاعله، أي من حساب المشركين على هؤلاء المؤمنين فقرَهم وضعفهم.
و ) عليك ( خبر مقدّم. و ( على ) فيه دالّة على معنى اللزوم والوجوب لأنّ الرسول عليه الصلاة والسلام همّ أو كان بحيث يهمّ بإجابة صناديد قريش لما سألوه، فيكون تنبيهاً على أنّ تلك المصلحة مدحوضة.
و ( منْ ) في قوله :( من شيء ( زائدة لتوكيد النفي للتنصيص على الشمول في سياق النفي، وهو الحرف الذي بتقديره بُني اسم ( لا ) على الفتح للدلالة على إرادة نفي الجنس.