" صفحة رقم ١١ "
والقول في معنى المشيئة من قوله :( ولو شاء ربك ما فعلوه ( كالقول في ) ما كانوا ليؤمنوا إلاّ أن يشاء الله ( ( الأنعام : ١١١ ) وقوله :( ولو شاء الله ما أشركوا ( ( الأنعام : ١٠٧ ) والجملة معترضة بين المفعول لأجله وبين المعطوف عليه.
والضّمير المنصُوبُ في قوله :( فعلوه ( عائد إلى الوحي. المأخوذ من ) يوحى ( أو إلى الإشراك المتقدّم في قوله :( ولو شاء الله ما أشركوا ( ( الأنعام : ١٠٧ ) أو إلى العداوة المأخوذة من قوله :( لكل نبي عدواً ).
والضّمير المرفوع عائد إلى ) شياطين الإنس والجن (، أو إلى المشركين، أو إلى العدوّ، وفرع عليه أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بتركهم وافتراءَهم، وهو تركُ إعراضضٍ عن الاهتمام بغرورهم، والنكدِ منه، لا إعْراض عن وعظهم ودعوتهم، كما تقدّم في قوله :( وأعرض عن المشركين ). والواو بمعنى مع.
) وما يفترون ( مَوصول منصوب على المفعول معه. وما يفترونه هو أكاذيبهم الباطلة من زعمهم إلاهية الأصنام، وما يتبع ذلك من المعتقدات الباطلة.
٣ ) ) وَلِتَصْغَى
إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَْخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ).
عُطف قوله :( ولتصغى ( على ) غروراً ( ( الأنعام : ١١٢ ) لأنّ ) غروراً ( في معنى ليغرّوهم. واللام لام كي وما بعدها في تأويل مصدر، أي ولصغى، أي مَيل قلوبهم إلى وحيِهم فتقوم عليهم الحجّة.
" صفحة رقم ١١ "
بها النّوع لا الفرد فلم يكن في الحكم عليها إبهام وذلك كقولهم : رجلٌ جاءني، أي لا امرأة، وتمرة خيرٌ من جرادة، وفائدة إرادة النّوع الردّ على المشركين إنكارهم أن يكون القرآن من عند الله، واستبعادهم ذلك، فذكّرهم الله بأنّه كتاب من نوع الكُتب المنزّلة على الأنبياء، فكما نزلت صحف إبراهيم وكتاب موسى كذلك نَزَل هذا القرآن، فيكون تنكير النّوعية لدفع الاستبعاد، ونظيره قوله تعالى :( قالوا لا تخف خَصْمَان بغى بعضنا على بعض ( ( ص : ٢٢ ) فالتّنكير للنّوعيّة.
وإما لأن التّنكير أريد به التّعظيم كقولهم :( شرّ أهَرّ ذَا نَاب ) أي شرٌ عظيم. وقول عُوَيْف القوافي :
خَبَرٌ أتَانِي عن عُيَيْنَةَ موجِع
كادَت عليه تَصَدعّ الأكْبَادُ
أي هو كتاب عظيم تنويهاً بشأنه فصار التنكير في معنى التوصيف.
وإمّا لأنّه أريد بالتّنكير التعجيب من شأن هذا الكتاب في جميع ما حفّ به من البلاغة والفصاحة والإعجاز والإرشاد، وكونه نازلاً على رجل أمّيّ.
وقوله :( أنزل إليك ( يجوز أن يكون صفة ل ) كتاب ( فيكون مسوغاً ثانياً للابتداء بالنّكرة ويجوز أن يكون هو الخبر فيجُوز أن يكون المقصود من الأخبار تذكير المنكرين والمكابرين، لأنّ النّبي ( ﷺ ) والمؤمنين يعلمون أنّه أنزل من عند الله، فلا يحتاجون إلى الإخبار به، فالخبر مستعمل في التّعريض بتغليط المشركين والمكابرين والقاصدين إغاظة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام بالإعراض، ويجوز أن يكون المقصود من الخبر الامتنان والتّذكير بالنّعمة، فيكون الخبر مستعملاً في الامتنان على طريقة المجاز المرسل المركب.
ويجوز أن يجعل الخبر هو قوله :( أنزل إليك ( مع ما انضمّ إليه من


الصفحة التالية
Icon