" صفحة رقم ٧ "
عليه وسلم كما أراد الله ذلك بفتح مكّة وما بعده. ففي قوله :( إلا أن يشاء الله ( تعريض بوعد المسلمين بذلك، وحذفت الباء مع ( أنْ ).
ووقع إظهار اسم الجلالة في مقام الإضمار : لأنّ اسم الجلالة يوميء إلى مقام الإطلاق وهو مقامُ ) لا يُسأل عمّا يفعل ( ( الأنبياء : ٢٣ )، ويومىء إلى أنّ ذلك جرى على حسب الحكمة لأنّ اسم الجلالة يتضمّن جميع صفات الكمال.
والاستدراك بقوله :( ولكن أكثرهم يجهلون ( راجع إلى قوله :( إلا أن يشاء الله ( المقتضي أنّهم يؤمنون إذا شاء الله إيمانهم : ذلك أنَّهم ما سألوا الآيات إلاّ لتوجيه بقائهم على دينهم، فإنَّهم كانوا مصمّمين على نبذ دعوة الإيمان، وإنَّما يتعلَّلون بالعلل بطلب الآيات استهزاء، فكان إيمانهم في نظرهم من قبيل المحال، فبيّن الله لهم أنَّه إذا شاء إيمانَهم آمنوا، فالجهل على هذا المعنى : هو ضدّ العلم. وفي هذا زيادة تنبيه إلى ما أشار إليه قوله :( إلا أن يشاء الله ( من أنّ ذلك سيكون، وقد حصل إيمان كثير منهم بعد هذه الآية. وإسناد الجهل إلى أكثرهم يدلّ على أنّ منهم عقلاء يحسبون ذلك.
ويجوز أن يكون الاستدراك راجعاً إلى ما تضمّنه الشّرط وجوابُه : من انتفاء إيمانهم مع إظهار الآيات لهم، أي لا يؤمنون، ويزيدهم ذلك جهلاً على جهلهم، فيكون المراد بالجهل ضدّ الحلم، لأنَّهم مستهزئون، وإسناد الجهل إلى أكثرهم لإخراج قليل منهم وهم أهل الرأي والحلم فإنَّهم يرجى إيمانهم، لو ظهرت لهم الآيات، وبهذا التّفسير يظهر موقع الاستدراك.
فضمير ) يجهلون ( عائد إلى المشركين لا محالة كبقية الضّمائر التي قبله.
" صفحة رقم ٧ "
ظهور دعوةِ محمّد ( ﷺ ) وذلك في أيّام الحجّ، ورسول الله ( ﷺ ) متوجّه بأصحابه إلى سُوق عكاظ، فلعلّ ذلك في السنة الثّانية من البعثة، ولا أحسب أن تكون سورة الأعراف قد نزلت في تلك المدّة لأنّ السّور الطوال يظهر أنّها لم تنزل في أوّل البعثة. ولم أقف على هاتين التّسميتين في كلام غيره.
وهي من السّبع الطّوال التي جعلت في أوّل القرآن لطولها وهي سُور : البقرة، وآل عمران، والنّساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، وبراءة، وقُدم المدني منها وهي سور : البقرة، وآل عمران، والنّساء، والمائدة، ثمّ ذكر المكي وهو : الأنعام، والأعراف على ترتيب المصحف العثماني اعتباراً بأنّ سورة الأنعام أنزلت بمكّة بعد سورة الأعراف فهي أقرب إلى المدني من السّور الطّوال.
وهي معدودة التّاسعة والثّلاثين في ترتيب نزول السّور عند جابر بن زيد عن ابن عبّاس، نزلت بعد سورة ) ص وقبل سورة الجن، كما تقدّم، قالوا جعلها ابن مسعود في مصحفه عقب سورة البقرة وجعل بعدها سورة النّساء، ثمّ آل عمران، ووقع في مصحف أُبيّ بعد آل عمران الأنعامُ ثمّ الأعراف، وسورة النّساء هي التي تلي سورة البقرة في الطّول وسورة الأعراف تلي سورة النّساء في الطّول.
وعد آي سورة الأعراف مائتان وستّ آيات في عَدّ أهل المدينة والكوفة، ومائتان وخمس في عدّ أهل الشّام والبصرة، قال في الإتقان ( وقيل مائتان وسبع.
أغراضها
افتتحت هذه السّورة بالتّنويه بالقرآن والوعد بتيسيره على النّبي ( ﷺ ) ليبلغه وكان افتتاحها كلاماً جامعاً وهو مناسب