" صفحة رقم ٢٤٦ "
وقال جماعة من المفسرين إن آيات ) يأيها النبي حسبك الله ( إلى ) لا يفقهون ( ( الأنفال : ٦٤، ٦٥ ) نزلت بالبيداء في غزوة بدر قبل ابتداء القتال، فتكون تلك الآية نزلت قبل نزول أول السورة.
نزلت هذه السورة بعد سورة البقرة، ثم قيل هي الثانية نزولاً بالمدينة، وقيل نزلت البقرة ثم آل عمران ثم الأنفال، والأصح أنها ثانية السور بالمدينة نزولاً بعد سورة البقرة.
وقد بينتُ في المقدمات أن نزول سورة بعد أخرى لا يفهم منه أن التالية تنزل بعد انقضاء نزول التي قبلها، بل قد يبتدأ نزول سورة قبل انتهاء السورة التي ابتُدىء نزولها قبلُ، ولعل سورة الأنفال قد انتهت قبل انتهاء نزول سورة البقرة، لأن الأحكام التي تضمنتها سورة الأنفال من جنس واحد وهي أحكام المغانم والقتال، وتفننت أحكام سورة البقرة أفانين كثيرة : من أحكام المعاملات الاجتماعية، ومن الجائز أن تكون البقرة نزلت بعدُ نزولها بقليل سورة آل عمران، وبعد نزول آل عمران بقليل نزلت الأنفال، فكان ابتداء نزول الأنفال قبل انتهاء نزول البقرة وآل عمران.
وفي ( تفسير ابن عطية ) عند قوله تعالى :( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ( من هذه السورة ( ٣٣ ) قالت فرقة نزلت هذه الآية كلها بمكة قال ابن أبْزَى نزل قوله :( وما كان الله ليعذبهم ( بمكة إثر قولهم ) أو ائتنا بعذاب أليم ( ( الأنفال : ٣٢ ) ونزل قوله :( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ( ( الأنفال : ٣٣ ) عند خروج رسول الله ( ﷺ ) إلى المدينة، وقد بقي بمكة مؤمنون يستغفرون، ونزل قوله :( وما لهم أن لا يعذبهم الله ( ( الأنفال : ٣٤ ) بعد بدر.
وقد عدت السورة التاسعة والثمانين في عداد نزول سور القرآن في رواية جابر بن زيد عن ابن عباس، وأنها نزلت بعد سورة آل عمران وقبل سورة الأحزاب.
وعدد آيها، في عدّ أهل المدينة. وأهل مكة وأهللِ البصرة : ست وسبعون، وفي عدّ أهل الشام سبع وسبعون، وفي عدّ أهل الكوفة خمس وسبعون.
ونزولها بسبب اختلاف أهل بدر في غنائم يوم بدر وأنفاله، وقيل : بسبب ما سأله بعضُ الغزاة النبي ( ﷺ ) أن يعطيهم من الأنفال، كما سيأتي عند تفسير أول آية منها.