" صفحة رقم ٢٦٣ "
واللام للاستحقاق، أي درجات مستحقة لهم، وذلك استعارة للشرف والكرامة عند الله، لأن الدرجات حقيقتها ما يتخذ من بناء أو أعواد لإمكان تخطي الصاعد إلى مكان مرتفع مُنقطع عن الأرض، كا تقدم عند قوله تعالى :( وللرجال عليهن درجةٌ ( في سورة البقرة ( ٢٢٨ )، وفي غير موضع، وتستعار الدرجة لعناية العظيم ببعض من يصطفيهم فتشبه العناية بالدرجة تشبيه معقول بمحسوس، لأن الدنو من العُلْو عُرفاً يكون بالصعود إليه في الدرجات، فشبه ذلك الدنو بدرجات وقوله :( عند ربهم ( قرينة المجاز.
ويجوز أن تستعار الدرجة هنا لمكان جلوس المرتفع كدرجة المنبر كما في قوله تعالى :( وللرجال عليهن درجةٌ ( ( البقرة : ٢٢٨ ) والقرينة هي.
وقد دل قوله :( عند ربهم ( على الكرامة والشرف عند الله تعالى في الدنيا بتوجيه عنايته في الدنيا، وفي الآخرة بالنعيم العظيم.
وتنوين ) درجات ( للتعظيم لأنها مراتب متفاوتة.
والرزق اسم لما يُرزقُ أي يعطى للانتفاع به، ووصفه بكريم بمعنى النفيس فهو وصف حقيقي للرزق، وفعله كرُمَ بضم العينَ، والكرم في كل شيء الصفات المحمودية في صنفه أو نوعه كما في قوله تعالى :( إني ألْقيَ إلي كتابٌ كريمٌ في سورة النمل ( ٢٩ )، ومنه إطلاق الكرم على السخاء والجود، والوصفُ منه كريم، وتصح إرادته هنا على أن وصف الرزق به مجازٌ عقلي، أي كريم رازقه، فإن الكريم يرزق بوفرة وبغير حساب.
٥، ٦ ) كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَِّرِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ).
تشبيهُ حال بحال، وهو متصل بما قبله : إما بتقدير مبتدأ محذوف، هو اسم إشارة لما ذكر قبله، تقديرُه : هذا الحال كحال ما أخرجك ربك من بيتك بالحق، ووجه الشبه هو كراهية المؤمنين في بادىء الأمر لما هو خير لهم في الواقع


الصفحة التالية
Icon