" صفحة رقم ٢٧٠ "
به حال سُؤالهم عَن الأنفال سؤالاً مشوباً بكراهية صرف الأنفال عن السائلين عنها الرائمين أخذها.
و ( الوُد ) المحبة و ) ذات الشوكة ( صاحبة الشوكة ووقع ) ذات ( صفة لمقدر تقديره الطائفة غير ذات الشوكة، أي الطائفة التي لا تستطيع القتال.
و ) الشوكة ( أصلها الواحدة من الشوك وهو ما يخرج في بعض النبات من أعواد دقيقة تكون محددة الأطراف كالإبَر، فإذا نزغت جلد الإنسان أدْمته أو آلمته، وإذا عَلِقَت بثوب أمسكَتْه، وذلك مثل ما في ورق العَرفج، ويقال هذه شجرة شائكة، ومن الكناية عن ظهور الشر قولُهم :( إن العَوسج قد أوْرق )، وشوكة العقرب البضعة التي في ذنبها تلسع بها.
وشاع استعارة الشوكة للبأس، يقال : فلان ذو شوكة، أي ذو بأس يتقى كما يستعار القرن للبَاس في قولهم : أبدى قَرنه، والناب أيضاً في قولهم : كشّر عن نابه، وذلك من تشبيه المعقول بالمحسوس أي تودون الطائفة التي لا يخشى بأسها تكون لكم أي ملككم فتأخذونهم.
وقد أشارت الآية إلى ما في قصة بدر حين أخبر رسولُ الله ( ﷺ ) المسلمين بانصراف عِير قريش نحو الساحل وبمجيء نفيرهم إلى بدر، وأخبرهم أن الله وعدهم إحدى الطائفتين، أي إما العِير وإمّا النفير وعداً معلقاً على اختيارهم إحداهما، ثم استشارهم في الأمر أيختارون اللحاق بالعِير أم يقصدون نفير قريش، فقال الناس : إنما خرجنا لأجل العِير، وراموا اللحاق بالعِير واعتذروا بضعف استعدادهم وأنهم يخرجوا لمقاتلة جيش، وكانت العِير لا تشتمل إلا على أربعين رجلاً وكان النفير فيما قيل يشتمل على ألف رجل مسلّح، فذلك معنى قوله تعالى :( وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ( أي تودون غنيمة بدون حرب، فلما لم يطمعوا بلقاء الجيش وراموا لقاء العِير كانوا يودون أن تحصل لهم غنيمة العير ولعل الاستشارة كانت صورية، أمر الله بها نبيّه لتثبيت المسلمين لئلا تهن قوتهم النفسية إن أُعلموا بأنهم سيلقون ذات الشوكة.
وقوله :( ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ( عطف على جملة ) وتودون ( على احتمالي


الصفحة التالية
Icon